ياسين الراضي
توصلت كغيري من النواب البرلمانيين، بعدد من التساؤلات والاستفسارات من طرف عدد من المغاربة العالقين، ومغاربة العالم (خاصة أبناء إقليم سيدي سليمان الذين أتشرف بتمثيلهم) عن طبيعة القرار الأخير للحكومة بخصوص إمكانية عودة هؤلاء إلى بلادهم، مع إلزامهم بأداء التحاليل المخربية لكوفيد_19 قبل الصعود إلى الطائرة ..!! جاء هذا القرار بعد أزيد من أربعة أشهر من الانتظار، كلها معاناة وألم لآلاف المغاربة الذين ظلوا عالقين بدول عديدة..
والحقيقة، أنه عند التأمل في هذا القرار، يتضح أن الحكومة لم تكن في مستوى اللحظة المنتظرة التي كان من الواجب التعامل بها مع المغاربة العالقين خاصة، ومغاربة العالم عامة.. ويمكن أن نشير هنا إلى مجموعة من الملاحظات هي كالتالي:
1) الحكومة على لسان رئيسها أكدت غير ما مرة، أنها ستجلي كل المغاربة العالقين بدون استثناء، غير أن المحصلة كشفت أنها اقتصرت فقط على إجلاء الثلث فقط، وتركت ثلثي العالقين ( 28 ألف ) يواجهون مصيرهم لوحدهم، بينهم مرضى ومسنون.
2) الذين تم ترتيب إجراءات عودتهم، تم التعامل معهم بأفضلية مبالغ فيها، بحيث تكفلت الدولة بكل مصاريف تنقلهم وإقامتهم أثناء الحجر بما في في ذلك الأكل، في المقابل تركت الآن أكثر من 28 ألف مواطن مغربي عالقا بدون أي أدنى مساعدة، وفي هذا تمييز واضح بين المواطنين لا مبرر له، ناهيك عن التخبط الواضح في التعامل مع هذا الملف.
3) الحكومة ألزمت الراغبين في العودة بضرورة إجراء فحص كوفيد_19 قبل الصعود إلى الطائرة بيومين !!.. في نظري أن هذا شرط تعجيزي غير مفهوم، فهو شرط تعجيزي لأن تكلفة تحاليل كورونا قد تصل إلى 2500 درهم للحالة الواحدة، وهي تكلفة كبيرة بالنظر للمعاناة المادية التي تكبدها المغاربة العالقون منذ أزيد من أربعة أشهر، وهو شرط غير مفهوم لأنه حتى لو افترضنا أن شخصا أجرى التحاليل المخبرية قبل صعوده إلى الطائرة بيومين، فهل معنى ذلك أنه في منأى عن الإصابة بتلك العدوى أثناء 48 ساعة.. بطبيعة الحال لا ! لأننا نعلم أن العدوى يمكن أن تنتقل حتى في آخر ساعة.
4) مادام أن الحكومة وبعد أربعة أشهر من معاناة المغاربة وذويهم، قد اهتدت إلى هذا القرار، فلماذا لم تأخذ به على الأقل في الشهر الأول من إغلاقها للحدود، حينها كانت على الأقل ستخفف من معاناة المغاربة ماديا ونفسيا، أما وأن نتركهم لأكثر من أربعة أشهر في مواجهة المجهول، ثم نلزمهم “بغرامات مالية” غير مفهومة فهذا معناه أن هناك فشلا ذريعا في التعامل مع ملف المغاربة العالقين خاصة ومغاربة العالم عامة.
5) بلاغ الحكومة الأخير، لم يشر أبدا إلى أن هناك مغاربة عالقون، وتعامل مع معطى غلق الحدود كما لو أنه لا وجود لأي مشكل، وفي هذا للأسف الشديد، كثير من الاحتقار لمشاعر المغاربة العالقين.
الحل: هو أن تتم إعادة النظر في هذا القرار، من خلال العمل على توفير وحدات للكشف داخل المطارات وفي الموانئ، على أن تتكلف الحكومة بإجراء التحاليل المخبرية، ويتكلف المغاربة العائدين بتحمل أداء فواتير الطائرة، مع ضرورة التعامل مع الحالات الصعبة بحس تضامني.
أخيرا، نحن في حاجة إلى إعادة النظر في التعامل مع مغاربة العالم، فهؤلاء المهاجرين لهم فضل كبير على بلادهم، ومن الواجب رد الجميل لهم، أما أن يظل التعامل معهم كما لو أنهم سلع يقاس بها منطق الربح والخسارة، فهذا بالتأكيد ستكون نتائجه وخيمة للغاية.
نائب برلماني عن إقليم سيدي سليمان