قال رئيس النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، الدكتور الطيب حمضي، إن عدم احترام التدابير الوقائية والحاجزية من قبل بعض المواطنين قد يفرض التراجع عن إجراءات تخفيف الحجر الصحي.
وأوضح الدكتور حمضي، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن عدم احترام هذه الإجراءات من طرف بعض المواطنين، وسوء تصرفهم يجعل الوباء خارجا عن أي سيطرة، ويضع المغرب أمام احتمالات كبيرة للانتكاس وظهور البؤر وتفشي الوباء، وبالتالي التراجع عن إجراءات التخفيف، مشددا على أن حماية حياة المواطنين والمملكة من تفشي جائحة كورونا يمر وجوبا بالاحترام الجماعي والكامل والمتواصل للإجراءات الحاجزية.
وأفاد بأن المرض قد يكتسب خطورة أكثر، ويتحول، ويمكن رؤية وجه جديد للجائحة أكثر بشاعة مما كان، لكن في المقابل لازال بالإمكان، إلى الآن، التحكم أكثر في الوباء من خلال احترام التدابير والإجراءات الحاجزية من قبيل ارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي، وغسل اليدين بالماء والصابون والمطهرات، وتهوية المنازل والمنشآت، وعدم لمس الوجه قبل تطهير اليدين.
وأضاف المتحدث أن عدم التزام أصحاب المحلات والأنشطة التجارية بالإجراءات الوقائية يفاقم الوضع أكثر، لافتا الانتباه إلى أن تسابق وتهافت هذه المحلات لتعويض ما ضاع من مداخيل خلال الحجر الصحي، يشكل خطرا على البلاد، وسيؤدي لا محالة إلى إعادة إغلاق هذه المحلات من جديد بسبب تكاثر الحالات.
ولاحظ أنه بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي، الذي جاء تحت ضغط طول فترة الحجر ومستلزمات الدورة الاقتصادية، لم يعد بعض المواطنين وعدد من العاملين في مختلف الأنشطة الاجتماعية والتجارية ولاقتصادية يرون ضرورة في احترام حمل الكمامات والتباعد وباقي الإجراءات الحاجزية، مما يؤدي إلى تزايد الحالات المكتشفة والبؤر الجديدة.
وساق، في هذا الإطار، حالة ولايات جنوبية بالولايات المتحدة الأمريكية، التي رفعت وخففت من الإجراءات، وتراجعت منذ أسبوعين عن قراراتها وبدأت بفرض إغلاق المحلات وإجبارية الكمامة والتباعد، بسبب ارتفاع الحالات الجديدة لديها، يبرز الدكتور حمضي.
وتابع بالقول “الوباء يتسارع عالميا، وهناك عدة دول شرعت في التراجع عن إجراءات التخفيف من القيود وتفرض الإجراءات الحاجزية التي كانت قد خففت منها أو تساهلت أو استخفت بها، بينما تمت إعادة فرض الحجر الصحي في عدد من المناطق بدول مختلفة من العالم.
وبخصوص إمكانية ظهور موجة ثانية من الجائحة، أكد الدكتور حمضي أنها قد تكون في طريقها إلى العالم، مسجلا أن تزايد الحالات يعني أن الخطر سيصل لا محالة للفئات التي يهددها الاختطار أكثر، مما سيؤدي إلى امتلاء أقسام الإنعاش وارتفاع عدد الوفيات، وشلل في الدورة الاقتصادية، فكل إصابة جديدة، يؤكد الدكتور، تفتح بابا على المجهول بحسب تعبيره.
وأضاف أنه” في حالة الانتكاس أو الموجة الثانية، لن تكون هناك إجراءات الحجر الصحي العام إلا للضرورة القصوى جدا، بل ما سنشهده أكثر هو فرض إجراءات مشددة للقيود، من قبيل منع أنشطة اقتصادية وتجارية واجتماعية معينة في مناطق معينة دون أخرى، أو حجر صحي محلي، أو حجر صحي على فئات اجتماعية دون أخرى، أو ربما عزل مناطق موبوءة عن باقي المناطق على مستوى المدن والجماعات وربما الأحياء نفسها.
إجبارية تطبيق “وقايتنا”
ودعا رئيس النقابة الوطنية للطب العام بالمغرب، إلى ضرورة إجبارية تحميل وتشغيل تطبيق “وقايتنا” واشتراطه للولوج لعدد من الفضاءات والأنشطة، للحد من تفشي الوباء وظهور البؤر ومحاصرتها في بدايتها.
وأوضح الدكتور حمضي أن إشكالية تتبع المخالطين خلال الفترة الحالية، المتسمة بانتشار الفيروس قبل ظهور الأعراض أو دونها عند غالبية المصابين، تفرض اليوم التفكير في إجبارية تحميل وتشغيل تطبيق “وقايتنا” واشتراطه للولوج لعدد من الفضاءات والأنشطة، للحد من تفشي الوباء وظهور البؤر ومحاصرتها في بدايتها.
وشدد، في هذا السياق، على ضرورة التفكير جديا في اتباع وسيلة الكشف المشترك باعتبارها استراتيجية للكشف الموسع تعد تقنية لتجميع عدد كبير من الكشوفات في تحليلة واحدة اعتمدتها أو تتجه نحو اعتمادها عدد من البلدان.
وأردف أن 98 في المائة من الحالات المكتشفة بالمملكة لا تظهر عليها أعراض (ضمنها أشخاص مكتشفون في مرحلة ما قبل الأعراض وآخرون لن تظهر عليهم الأعراض نهائيا)، مشيرا إلى أن هذه المعطيات تطرح إشكالية كبيرة عالميا ووطنيا تتمثل في كيفية اكتشاف الحالات الجديدة مبكرا وتتبع المخالطين، سيما وأن عددا هائلا من المصابين لا تظهر عليهم أية أعراض ولا يعرفون أنهم مصابون أو من المحتمل أن يكونوا مصابين.
وعن إشكالية الفحوصات الموسعة وتتبع المخالطين بسرعة، اعتبر الدكتور حمضي أن عدد الكشوفات اليومية بالمملكة، رغم أنه مرتفع مقارنة مع السابق (حوالي 20 ألف عوض المئات سابقا) يظل عددا ضعيفا مقارنة مع متطلبات المرحلة، خصوصا وأن عددا كبيرا من الحالات تظل دون أعراض.
وأضاف أن “معدل سن المصابين الذي كان في البداية فوق الستين وأصبح اليوم ببلادنا أقل من 33 سنة هو اتجاه تعرفه معظم الدول التي انتشر فيها المرض خلال شهري فبراير ومارس، مما يجعل الشباب اليوم الأكثر عرضة للإصابة”، مبرزا أن الاعتقاد بأن المرض لا يشكل خطورة على الشباب ساهم في هذا الارتفاع، والحال أن الخطورة قد تهم كذلك هذه الفئة العمرية بسب أمراض تعاني منها.
وسجل، في هذا السياق، أن عدم احترام هذه الفئة للإجراءات الحاجزية يشكل خطرا مجتمعيا لا لبس فيه، بسبب حتمية نقلهم العدوى لأماكن العمل والأسر ونقل الفيروس لكبار السن والمرضى المزمنين، وهو ما يطرح إشكالية المسؤولية الاجتماعية في حماية المجتمع وأفراده من المرض والمسؤولية المجتمعية في محاربة الوباء ومحاصرته.
ويرى المسؤول النقابي أنه لا يتعين توقع انخفاض عدد الحالات المكتشفة يوميا، إذ من المتوقع أن تترواح الحصيلة بين 200 و500 حالة يوميا، عازيا هذا الارتفاع إلى ظهور بؤر كبيرة جديدة بسبب رفع الحجر وخروج الناس واستئناف الانشطة، وأيضا بسبب عدم الاحترام التام للإجراءات الحاجزية، وتوسيع عدد الكشوفات اليومية.
من جهة أخرى، اعتبر رئيس نقابة الطب العام بالمغرب أن هناك اعتقادا خاطئا جعل العديد من المواطين يظنون أن الوباء انتهى أو أنه لا يوجد أصلا أو أن الوباء ليس خطيرا وقوة انتشاره ضعفت، وأيضا أن الوباء وشيك على نهايته.
وتابع بالقول “عالميا تطلب أمر الوصول إلى مليون مصاب بكورونا ثلاثة أشهر كاملة. نحن اليوم أمام حوالي 12 مليون مصاب وحوالي 600 ألف حالة وفاة”، مشيرا إلى تسجيل مليون إصابة جديدة في أقل من أسبوع، مما يؤكد على تسارع انتشار الوباء، وتراجعه في المقابل في الدول التي اتخذت إجراءات قوية وصارمة.
وشدد على أن “خطورة المرض لا زالت كما كانت عليه في البداية، صحيح لم تزدد هذه الخطورة ولكنها لم تنخفض. فالحجر الصحي وعزل كبار السن والمرضى المزمنين وتطور فهم المرض وتحسن العلاجات المقدمة للمرضى، كلها عناصر ساهمت في خفض الوفيات، لكن خطورة المرض لازالت على ما كانت عليه”.
وأشار إلى بعض الدراسات التي نشرت بإحدى المجلات العلمية العالمية، مؤخرا، والتي تؤكد وجود تحول في الفيروس أدى إلى ازدياد قوة التكاثر في الخلايا الإنسانية ثلاث إلى ست مرات أكثر من نسخة ووهان، واكتسابه بذلك قوة أكبر على الانتشار، مفيدا بأن نسخة الفيروس بالصين مختلفة عن النسخة الحالية التي أصبحت المسؤولة عن أغلب الحالات عالميا اليوم، بناء على تحليل لأكثر من 30 ألف جينوم لحد الساعة.
كما توقف عند إحدى الدراسات التي أظهرت أن الحمولة الفيروسية ل”كوفيد 19″ تكون عالية في المسالك الهوائية العليا حتى قبل ظهور الأعراض، عكس وباء SARS-COV1 لسنة 2003، وهو ما يجعل من الصعب اكتشاف المرض.
وأفاد بأن الدراسات كانت تتحدث عن 16 في المائة من معدل حالات كوفيد دون أعراض، أي الأشخاص المصابين بالفيروس الذين يشفون منه دون أن تظهر عليهم أية أعراض، مسجلا أن نسبة هذه الفئة تتراوح اليوم، وفق مؤشرات، ما بين 20 و40 في المائة من مجموع الإصابات