آشكاين/يونس أباعلي
قالت مجلة agendapublica، المتخصصة في التحليلات السياسية والاقتصادية، إن المغرب شهد تطورا مهما في العقدين الماضيين، وحصد انتصارات مهمة في المجال الدبلوماسي، بفضل الملك محمد السادس ونتيجة لموقعه الجغرافي الاستراتيجي المتميز، وكذا استراتيجيته في العلاقات الدولية وإمكاناته للتنمية الاقتصادية.
المجلة انتقدت ما اعتبرته الصورة النمطية المثبتة في جزء كبير من المجتمع الإسباني، خاصة في بعض الدوائر السياسية وجزء من وسائل الإعلام، لأنها مستندة إلى أحكام مسبقة خاصة في ما يتعلق بنزاع الصحراء، ومشاكل الهجرة، والقُصر غير المصحوبين وسبتة ومليلية، مشددة على أن هناك قضايا أخرى عميقة الجذور تشكل أساس علاقة الجوار القوية والاستراتيجية. إذ أبرزت أن المغرب حليف أساسي لأمن إسبانيا وأوروبا، مع تعاون وثيق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، فضلا عن السيطرة على الهجرة غير النظامية. وبالمثل، فإن المواطنين المغاربة المقيمين بشكل قانوني في إسبانيا هم أكبر جالية أجنبية، بأكثر من 760 ألف شخص، متقدمين على رومانيا وأكثر من ضعف السكان البريطانيين.
المغرب حليف إقليمي رئيسي للولايات المتحدة، لذا فمن غير المرجح أن تضر الحكومة الأمريكية الجديدة بحليفها المغاربي. وبهذه الطريقة، يمكن أن تواجه اسبانيا أمرا واقعا يعزز تحركات المغرب في السنوات الأخيرة ويعترف بالتغيير في الوضع الراهن في المنطقة، تقول المجلة.
دبلوماسية ملكية متطورة
أكدت المجلة في تحليلها على أن “محمد السادس يعمل على تطوير نشاط سياسي واقتصادي مكثف لسنوات، وخاصة في إفريقيا. وقد حصد المغرب عائدات كبيرة دون ضجيج كبير، خاصة الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء. ففي الآونة الأخيرة، افتتحت دول إفريقية قنصلياتها في العيون والداخلة، وستتبعها الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والولايات المتحدة، مما يمثل نقلة نوعية مهمة للمصالح المغربية”.
وترى أن الرباط قررت “الضغط على زناد السرعة، مع نشاط دبلوماسي دولي اوستثمارات مليونية في الصحراء، مع إنشاء ميناء كبير في مدينة الداخلة الأطلسية على صورة طنجة المتوسط “، مشيرة إلى سعي مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، وهي أكبر مؤسسة مالية للتنمية في العالم، إلى استثمار ملايير الدولارات في الصحراء، وخلصت إلى أن “شيئا ما يتحرك في الصحراء ولا يبدو أن إسبانيا وشركاتها في وضع جيد”.
إسرائيل.. لاعب جديد في المنطقة
أبرزت المجلة أن المغرب “يعترف باليهودية كإحدى الديانات الخاصة بالبلاد، ويحترم الممارسات الدينية ويحمي المعابد اليهودية وفي المحاكم المغربية بها قضاة متخصصون في الشؤون العبرية. وعملت الجالية اليهودية المغربية كجسر ثقافي بين الحكومة الإسرائيلية والمغرب، وهي أيضا وجهة سياحية لما بين 60.000 و 70.000 يهودي يصلون إلى البلاد عبر دول ثالثة”، وأكدت أن استئناف الرحلات المباشرة بين البلدين سيجعل السياحة الإسرائيلية تنمو بشكل كبير مع تأثير اقتصادي كبير.
“إن الاعتراف بالعلاقات الثنائية وتطبيعها سيمثل قفزة مهمة إلى الأمام في مسائل التعاون الاقتصادي والأمني، وتزامنا مع ذلك هناك التزام المغرب الدائم والمستمر بالقضية الفلسطينية العادلة، كما نقل الملك محمد السادس إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس”، تورد المجلة في تحليلها.
بريطانيا تبحث عن حلفاء جدد بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي
يؤكد التحليل نفسه أن بريطانيا تعتزم نسج علاقة جديدة مع المغرب بعد إتمام خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتستعد لندن لتوطيد تحالف استراتيجي للمصالح المشتركة مع الرباط. وسيعلن البريطانيون قريبا عن افتتاح قنصلية في الصحراء، ويعترفون بالرؤية الاقتصادية والسياسية للملك محمد السادس كدولة مرجعية في القارة وبوابة إلى إفريقيا.
كما يشدد على أن المغرب يمكن أن يكون بديلا للإمداد البريطاني بالمنتجات الزراعية والفواكه والخضروات الإسبانية، وموردا للمنتجات السمكية أو الفوسفات، فضلا عن بديل للعمال الأوروبيين. وأن لندن تحتاج إلى تنويع وتوسيع علاقاتها الاستراتيجية، والمغرب يضم حليفا مهما وعضوا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم مصالحه.
اسبانيا وخطر الصراع وفقدان النفوذ
العلاقات بين إسبانيا والمغرب جيدة للغاية، لكنها، بحسب المجلة نفسها، “فقدت في الأشهر الأخيرة قوتها”، مستندة في هذا الطرح إلى تأجيل الاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب إلى فبراير 2021 عوض 17 دجنبر الماضي، بداعي أزمة كورونا، في وقت استقبل المغرب بعدها بأيام قليلة الوفد الإسرائيلي الأمريكي في الرباط.
وعلى الرغم من أن الأزمة الصحية أدت إلى انخفاض في التنقل الدولي، فلا يبدو معقولا تعليق الرحلات البحرية أو الرحلات الجوية بين البلدين لمدة تسعة أشهر، إذ سمح المغرب منذ 6 شتنبر 2020 بالسفر من فرنسا، إلا أنه لم يتم استئناف الرحلات الجوية مع إسبانيا إلا إلى دجنبر الماضي، ولا تزال العبّارات بين إسبانيا والمغرب بدون إذن للعمل.
لا مصلحة للبلدين من كل هذا
خلاصة التحليل هذا تقول فيه المجلة إن على إسبانيا والمغرب مضاعفة جهودهما للحفاظ على العلاقات الثنائية الممتازة في السنوات الأخيرة. مشبهة علاقتهما بـ”معضلة القنفد” (آرثر شوبنهاور)، القائل إن القنافد تحتاج لبعضها بحثا عن الدفء، لكن حينما تحتك يتأذى كل طرف بأشواك الآخر.