Site icon أوال بريس

كنت مشمكر وقتلتها حيت عايرتني.. تفاصيل جريمة قتل طفلة في الكارة

“إيه راها ماتت والله يسمح ليا” كلمات لشريط صوتي في تطبيق التراسل الفوري “واتساب”، تنفست معه عناصر الدرك الملكي بسرية ابن سليمان الصعداء، بعد أن كثر القيل والقال حول الجريمة التي هزت جماعة احلاف ومنطقة الكارة، منذ حوالي ستة أيام، إثر العثور على جثة طفلة لا يتجاوز عمرها 13 ربيعا، لينطلق البحث الذي كشف العديد من الحقائق وفك لغز الجريمة.

كانت الساعة تشير إلى الرابعة وبضع دقائق من زوال الاثنين الماضي، لما انطلق صراخ التلميذة مريم ذات 13 ربيعا مدويا، طلبا للمواطنين على الطريق الرابطة بين حي المستقبل ودار القايد المكي بتراب جماعة أحلاف التابعة لإقليم ابن سليمان، من أجل نجدتها.

حظ مريم كان عاثرا إذ لم يكن على الطريق الذي يخترق حقولا زراعية أي شخص، وأقرب مسكن من مكان وجودها يبعد بمئات الأمتار. لم يشفع لها صراخها وهي تنادي لتخليصها من يدي شاب كان مسلحا بسكين، أن تلقى آذانا للاستغاثة، فتمكن منها المجرم بطعنتين غادرتين على القلب، جعلتاها تسقط جثة هامدة وسط دمائها، في حين أطلق الجاني ساقيه للريح إلى وجهة مجهولة.

بعد دقائق التحق بمكان الجريمة، عشرات المواطنين الذين تجمعوا وتحلقوا حول الجثة، إلى حين وصول السلطة المحلية وعناصر الدرك بمركز مليلة التي هرعت إلى المكان بعد توصلها بخبر العثور على الجثة، فأبعدت الفضوليين في محاولة منها للحفاظ على عناصر مسرح الجريمة، على أمل أن تعثر على دليل يمكنها من الوصول إلى القاتل.

فتح تحقيق

فور شيوع الخبر، التحق بمسرح الجريمة الآلاف من سكان الكارة وجماعة أحلاف المتجاورتين. كما حل كل أفراد سرية درك ابن سليمان بقيادة القائد الإقليمي، وكلهم أمل في حل لغز الجريمة في أسرع وقت.

تم فتح تحقيق على الفور، استمعت خلاله عناصر الدرك إلى عدد من المواطنين، خاصة السكان القريبين من المكان الذي عثر به على الجثة، وكان الجواب الوحيد هو سماعهم صراخ مريم، غير أنهم لم يتمكنوا من معرفة من كان بصحبتها لبعد المكان ولسرعة تنفيذ الاعتداء، وجريمة القتل التي لم تتعد دقيقتين.

لم يتوقف البحث عند الاستماع إلى بعض الشهود من تلاميذ الثانوية الإعدادية التي تتابع فيها الضحية دراستها، بل استعانت عناصر الدرك الملكي بكل الكاميرات المثبتة خصوصا كاميرات جماعة أحلاف التي وضعها رئيس الجماعة تحت تصرفها.

توسيع الأبحاث

لم يكن أمام عناصر الدرك سوى اللجوء إلى سياسة تجفيف المنابع، بالعودة إلى الأرشيف وضبط المجرمين وأصحاب السوابق في جماعة أحلاف والكارة بتعاون مع درك المدينة والقيادة الجهوية بسطات. استمعت عناصر الدرك طيلة ثلاثة أيام إلى مجموعة منهم، على أمل أن تتوصل إلى خيط رفيع يقود إلى فك لغز هذه الجريمة.

كانت التصريحات كلها بعيدة عما كان يرغب فيه رجال الدرك، بعد أن تشبث أغلب المستمع إليهم بنفي أي علاقة لهم بقتل الفتاة، فنقلوا التحقيق إلى أسرة الضحية حيث تم التحقيق مع زوج شقيقتها السابق والذي كان في خصام مع الأسرة، غير أن التحقيق لم يسفر عن أي مستجد.

نقل المحققون أبحاثهم صوب الثانوية الإعدادية التي تدرس بها التلميذة، واستمعوا إلى عدد من صديقات الضحية، فوصلوا إلى خيط رفيع أنهى معاناتهم، من أجل فك لغز الجريمة، فقد قادت الأبحاث إلى التوصل إلى شريط صوتي قصير بتطبيق “واتساب” أرسله المشتبه فيه من خلال محادثة مطولة حول الجريمة، ذاكرا فيها “إيه راها ماتت والله يسمح ليا”.

ليلة القبض على الجاني

تجند العشرات من رجال الدرك، الذين انتقلوا إلى منزل والدة المشتبه فيه البالغ من العمر 24 سنة، المطلقة من فنان شعبي مشهور بالكارة، حيث تم القبض عليه واقتياده إلى مركز التحقيق. لم تنفع أسئلة المحققين في استخراج جواب شاف من المشتبه فيه، إذ ظل طيلة مدة التحقيق متشبثا بالإنكار، وأنه كان ينوي القول في الشريط الصوتي “الله يسمح ليها عوض الله يسمح ليا”. عمق المحققون البحث مع المشتبه فيه الذي ظهر في تصريحات إعلامية سابقة رفقة أمه يطلب القصاص من الجاني، حول مكان وجوده ساعة ارتكاب الجريمة، حيث أكد أنه كان بداخل مقهى بالكارة، قبل أن يتضح أنه فور ارتكابه للجريمة توجه مباشرة للمقهى بحثا عن عذر غياب لإبعاد التهمة عنه.

ولما تمت مواجهته بتسجيلات الكاميرات المحيطة بالمقهى، توقف دماغ الجاني عن التفكير، وانهار أمام الدركيين ساردا عليهم في محضر رسمي تفاصيل الجريمة.

“كنت مشمكر وقتلتها حيت عايرتني”

أقر المتهم بجريمته، وسرد تفاصيلها بعد أن تبين له أن التهمة تلتف على عنقه، إذ أخبر المحققين بأسباب قتله للضحية، وصرح أمامهم، أنه تعقبها وتحرش بها، فسبته وشتمته، قبل أن تلج إلى داخل الإعدادية للالتحاق بالفصل.
لم يتقبل الجاني الأمر، وانتظرها إلى حدود الرابعة عصرا لما غادرت المؤسسة متوجهة إلى منزلها، فتعقبها.
وانتظر الجاني إلى أن وصلت إلى منتصف الطريق في منطقة خلاء محاطة بالحقول وتوجد بها قطعة أرضية صغيرة مسيجة بأربعة أسوار لا يتعدى طولها المتر ونصف متر، توجد بمحاذاة الطريق. هناك أجبرها على الوقوف وكان في حالة تخدير متقدم باستعمال “السيليسيون”.

وأضاف الجاني أنه بسبب تعنت الضحية وشروعها في الصراخ اضطر إلى محاولة إسكاتها بسكين صغير كان بحوزته، وأنه قام بضربها قبل أن يجد نفسه أمام جثة، ففكر فورا في الهروب والعودة إلى المقهى التي يلازمها طيلة وقته.

إعادة تمثيل الجريمة

بعد أن أكملت عناصر الدرك بحثها في الموضوع، وحصلت على كل المعطيات والأدلة العلمية التي تثبت تورط المتهم، تقررت إعادة تمثيل الجريمة حتى يتسنى كشف الحقيقة.

أعدت مصالح الدرك بسرية ابن سليمان، العدة في الصباح الباكر من أول السبت الماضي، لإعادة تمثيل جريمة القتل، وشهدت إعادة تمثيل الجريمة، استنفارا أمنيا كبيرا، وتمت بحضور جمع غفير من المواطنين.

عن جريدة “الصباح”

Exit mobile version