بقلم : سام بن شتريت
رئيس الاتحاد العالمي ليهود المغرب
كان اليهود المغاربة ولا زالوا يؤمنون بأن ليلة الميمونة هو آخر يوم في عيد الفصح، تعتبر أفضل مناسبة لتقديم التهاني والتبريكات للآخرين. وكيف لا وهو عيد التسامح الذي يميزه التعايش والتغلب على الخلافات، في هذه الليلة يقوم الجميع بتبادل الزيارات ويتناولون المأكولات التقليدية والمشروبات ويسامح الناس بعضهم البعض.
وكان الجيران المسلمين من أوائل الزوار الذين يتوافدون على منازل اليهود، حاملين صينيات مغفورة بالحلويات والخبز ومشتقاته، وقد اعتاد اليهود المغاربة على مد السفرة المغمورة بالمأكولات التقليدية خاصة، بما فيها منتجات الألبان والفواكه والخضرة والتمر والعسل وأنواع من الكعك والحلويات إلى جانب العديد من المشروبات. كما يتم تزيين الطاولة بالكثير من الزهور وأغصان الزيتون والنعناع وصحن مع الطحين تنتشر فيه قطع من النقد، وصحن آخر يوضع فيه السمك الحي. ويرمز ذلك إلى الوفرة والبركة ايذانا بدخول فصل الربيع.
والجدير بالذكر أن اليهود يمتنعون عن الطعام المختمر خلال أيام عيد الفصح، ويتناولون الفطير غير المختمر أو ما يسمى “ماتسا”.
وتعني كلمة ميمونة باللغة العبرية المغربية الحظ والبركة، وفي بعض المناطق من المغرب كانت العائلات اليهودية تجتمع مع بعضها البعض، بحضور الرضع من أجل القيام بطقوس رمزية لما يسمى “الزواج المرتب” بين الرضع.
ويوجد العديد من الاستفسارات أو المعاني لكلمة ميمونة، ويعد المرادف الأكثر تداولا لشرحها هو كلمة “إيمان” التي تلفظ بشكل شبيه لكلمة ميمونا باللغة العبرية. وكان يهود المغرب يؤمنون بمقولة الحاخامات اليهود، انه سيفدى بنو اسرائيل في شهر نيسان كما نجوا مع خروجهم من مصر الفرعونية.
قبل 41 سنة تم إعادة الاعتبار لعيد الميمونة في دولة إسرائيل بحيث تشرفت أنا وبعض زملائي بوضعنا للأسس والقيم الثقافية لعيد الميمونة، وقمنا بإحياء العادات والتقاليد وفعاليات “الباب المفتوح ” التي في إطارها يستضيف أكثر من مئة ألف عائلة من اليهود المغاربة وشمال افريقيا، جمهور غفير من المحتفلين في منازلهم، مما جعل الميمونة يتحول إلى عيد وطني في إسرائيل.
ويقدر أن أكثر من 2 مليون شخص يشاركون فيه سنويا. وبهذا الأسلوب المنفتح ساهمت الميمونة في تعظيم دور اليهود المغاربة في المجتمع الاسرائيلي، حيث أصبح الجمهور العريض يتعرف على ثقافة يهود المغاربة وخاصة عادات الضيافة والتسامح والانفتاح التي تميزها.
في سنة 1986 مع حلول احتفالات الميمونة قال رئيس دولة اسرائيل الخامس يتسحاق نافون رحمه الله: “عندما سيكتب التاريخ الحديث لدولة اسرائيل وسيطرح السؤال ما الذي ساهم في تحسين مكانة اليهود المغاربة وخفف من الغربة والتشرذم بين الفئات المختلفة في المجتمع الاسرائيلي بما فيها اليهود الشرقيين ويهود غرب اوروبا”، وأردف نافون يقول “بدون أدنى شك فستكون الإجابة واضحة عند المؤرخين بأن الميمونة أو عيد المحبة هي التي ساهمت بذلك بشكل كبير.