أكد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، أن تقرير المهمو الاستطلاعية حول صفقات وزارة الصحة، يعتبر وثيقة رسمية تستدعي إصدار التعليمات للشرطة القضائية المختصة قصد إجراء كافة الأبحاث والتحريات الضرورية، وليس التحقيق والبحث حول من سرب التقرير كما دعا إلى ذلك برلمانيون ومسؤولون في الوزارة.
الغلوسي شدد على أن التصريحات المواكبة لخروج مضامين التقرير إلى وسائل الإعلام “لغط” و”بوليميك سياسي”، وعلى أنه “يبعدنا عن يبعدنا عن ربط المسوؤلية بالمحاسبة ويجهض حق المغاربة في معرفة حقيقة تدبير صفقات وزارة الصحة خلال أزمة كورونا والتي خصصت لها أموال عمومية ضخمة واستفادت من استثناءات كبيرة خروجا على القواعد القانونية الناظمة للصفقات العمومية”.
وقال في تدوينة له على فيسبوك “مباشرة بعد عرض تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، سارعت أصوات تطالب بفتح تحقيق حول تسريب التقرير قبل أن تتم المصادقة عليه ويصبح نهائيا، وحدث تراشق كلامي في الموضوع”. وتابع “ومما زاد الموضوع ضبابية هو سكوت وزارة الصحة عن ما ورد في التقرير المذكور والتي اختارت بدورها أن تجيب بطريقة لا تحترم أدنى شروط المسؤولية العمومية، وهكذا سمعنا أن مصدرا مقربا من الوزير المعني فضل عدم ذكر اسمه يرد على ما ورد في التقرير ويفند ما جاء به معدو التقرير والذين اتهمهم ضمنيا بعدم الحياد واستهداف الوزير سياسيا”.
واعتبر رئيس الجمعية الحقوقية أن “التقرير تضمن معطيات تفيد حصول اختلالات في تدبير صفقات وزارة الصحة خلال أزمة كورونا، اختلالات مالية وقانونية تضمنها التقرير يمكن أن تشكل حسب الأحوال جنايتي تبديد أو اختلاس أموال عمومية وتلقي فائدة وغيرها، وهي أفعال معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي”.
وحذر في السياق ذاته من “تهريب النقاش إلى وجهة أخرى ومحاولة إلباس القضية لبوسا أخرى لا يمكنه أن يساهم في تقدم النقاش العمومي حول قضايا مهمة ومصيرية بالنسبة للمجتمع وفي قلبها قضية ربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق الحياة العامة والقطع مع الإفلات من العقاب وإرساء أسس دولة الحق والقانون التي تعد المسؤولية المقرونة بالمحاسبة إحدى مرتكزاتها الرئيسية”.
وأبرز أن الرأي العام المغربي “لا يهمه كل هذا السجال الذي يفرغ المحاسبة من محتواها”، بل إن “المهم بالنسبة إليه هو كشف الحقيقة حول تدبير الصفقات العمومية من طرف وزارة الصحة خلال أزمة كورونا وهي الصفقات التي أثير حولها جدل كبير امتد إلى داخل قبة البرلمان وخصصت لها ملايير الدراهم من المال العام”. وشدد على أنه “من المهم أن يعرف الناس أين صرفت؟ وكيف صرفت؟ وما هي الشركات التي استفادت؟ وهل من علاقات بين هذه الشركات وبعض المسؤولين؟ وهل استفاد هؤلاء بأي شكل من الأشكال من تدبير الأموال المخصصة لهذه الصفقات؟ وهل من شفافية ونزاهة في تدبيرها؟ …الخ”.
وتابع الغلوسي “في تقديري المتواضع وبعيدا عن أية خلفيات أو حسابات كيفما كانت، فإن التقرير أنجز من طرف لجنة برلمانية وهو بذلك يعد تقريرا رسميا من الضروري أن يحتكم فريق العمل المكلف إلى منهجية موضوعية وقانونية خلال إنجاز المهمة الاستطلاعية بما يقتضيه ذلك من الاستماع لبعض المسؤولين والإطلاع على مختلف الوثائق وإجراء كل التحريات المفيدة، وغير ذلك”.
واسترسل “وهو تقرير تضمن ملاحظات ومعطيات تفيد بوجود تجاوزات قانونية ومالية، لذلك فإنه يتعين على النيابة العامة استثمار هذا التقرير وإصدار تعليماتها إلى الشرطة القضائية المختصة قصد إجراء كافة الأبحاث والتحريات الضرورية وحجز كافة الوثائق ذات الصلة بموضوع تلك الصفقات وإجراء كل المعاينات المفيدة وذلك بغية الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة والسهر على سيادة القانون واحترامه من طرف الجميع دون أي تمييز وهو ما يفرض قانونا الاستماع إلى كل من وزير الصحة باعتباره المسؤول عن وزارة الصحة، والمسؤول أو المسؤولين عن قسم الصفقات العمومية بوزارة الصحة خلال أزمة كورونا، وممثلي الشركات التي نالت تلك الصفقات، وكل شخص له صلة مباشرة أو غير مباشرة بمجال تدبير الصفقات العمومية خلال جائحة كورونا”.