حكومة السيد عزيز أخنوش ، أو حكومة انتخابات 8شتنبر 2021 التي نصبت من طرف جلالة الملك في أكتوبر 2021 .. و اليوم اكتملت سنة سياسية عن انتخابها و تنصيبها .. يتساءل الرأي العام الوطني و الدولي عن أهم منجزاتها خلال هذه السنة ؟ و بأي أفق تدخل السنة المقبلة ؟ وهذا المقال الذي أكتبه لكم أخي القارئ يسير في هذا المنحى و يتجه صوب الجواب عن هاذين السؤالين.. ماذا حققت الحكومة من برنامجها الحكومي على امتداد سنة من العمل الحكومي ؟ و ما هي أبرز الملفات المطروحة عليها في هذه السنة الجديدة ؟ و هل تسيير الحكومة بخطى ثابتة و متقدمة في تنزيل برنامجها الحكومي ؟ أم هناك عقبات تواجه تنزيل برنامجها ؟ و كيف تنظر المعارضة للأداء الحكومي ؟ هل تكفيها سنة لتنزيل برنامجها أم تحتاج فقط الى مزيد من الوقت لتحقيق وعودها الانتخابية؟ للاقتراب من هذه الاشكالية سنتمتع بالتزام الحياد و الموضوعية دون تحيز أو تخندق في حزب أو تموقع في نقابة ، و دون قول لمتحامل على الحكومة أو مؤيد لها أو معارض لبرامجها ..
وقبل الانطلاق في التحليل و التقييم لا بد من التذكير بان تناول هذا الموضوع 🙁 الحكومة : سؤال الحصيلة و الدخول ) يتطلب منا تقسيم الموضوع الى فصلين فصل في الدخول السياسي و فصل في الحصيلة السنوية.. حيث تكون البداية بالحصيلة السنوية ، تم ننتقل لاهم الملفات التي انتظر الحكومة في هذا الدخول السياسي الساخن .
الفصل الاول : حصيلة الحكومة خلال سنتها الاولى و معيقات التنزيل الكامل لبرنامجها الحكومي .
لسوء حظ هذه الحكومة أن الزمن لم يكن في صالحها .. و أقصد بالزمن، زمن التحولات الكبرى .. زمن كورونا و أثره السلبي على الاقتصاد العالمي و الوطني ، و العملية العسكرية الخاصة لروسيا على أوكرانية التي أشعلت حرب غلاء الاسمدة و الحبوب و هذه الامن الغذائي للعديد من الدول ، تم الجفاف و غلاء المحروقات ، و ما ترتب عن ذلك من برامج جديدة وضعتها الحكومة مضطرة لتجاوز مجموعة من العقبات و للحد من الآثار السلبية لهذه التحولات على النسيج الاجتماعي و الاقتصادي المغربي.
1- كورونا القاتل لاقتصاد العالم : سنتين من التوقف الكلي و الاجباري لجميع القطاعات الحيوية بمختلف أنواعها شكل ثأتير مباشر على الاقتصاد الوطني ، هذا التأثير تزامن مع وصول حكومة اخنوش الى تسير الشأن العام على حد قول الاغلبية الحكومة ، و هو قول ترفضه المعارضة باعتبار ان البرامج و الوعود قدمت في عز أزمة كوفيد 19. و على الحكومة تنزيلها دون التبرير بكوفيد.
2- العملية العسكرية الخاص لروسيا على اوكرانيا : لم تخطر هذه العملية بحسبان أي أحد ، و لا أحد من الاغلبية او المعارضة السابقة أو اللاحقة توقع هذه العملية العسكرية ، لكن الاغلبية تقول بان هذه العملية وقفت عقبة أمام تنزيل برنامجها بشكل ما ، والمعارضة تقول بان الحكومة تفتقد القدرة على الابتكار و الابداع لمواجهة تداعياتها .. على غرار ما فعلته باقي دول العالم .
3- الجفاف و ندرة المياه : سنة شبه جافة واجهتها الحكومة في اول سنتها التشريعية و سقطت تخميناته بتحقيق 80مليون قنطار بنسبة 69% من القمح و الحبوب .. الحكومة اعتبرت الامر قوة قاهرة خارجة عن ارادتها و ربطتها بشح السماء ، و المعارضة حملت الحكومة مسؤولية اهدار الفرشة المائية و تأخر انجاز السدود التلية و عدم تسريع وتيرة إحداث محطات التحلية لمياه البحر.
4- غلاء الاسعار و المحروقات : استهلكت الحكومة 16 مليار درهم في 6 أشهر عبر صندوق المقاصة و عادت لضخ 16 مليار درهم اضافية لاستكمال سنتها المالية بسلام .. و عزت ذلك لغلاء الاسعار بسبب كوفيد و العملية العسكرية الخاصة لروسيا على اوكرانيا .. في حين حملة المعارضة المسؤولية للحكومة في غلاء الاسعار و المحروقات ، و قالت بان جميع التدابير التي اتخذتها الحكومة من خلق لبرامج :(أوراش و فرصة و دعم للسياحة و لقطاع النقل ) لم يكن سوى درء للرماد على العيون و لم يخفف من غلاء الاسعار و تراجع اثمان المحروقات .
إن الحكومة ترى حصيلتها السنوية مهمة جدا ، لأنها استطاعت ان تحافظ على الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي بالبلد .. كما انها تمكنت من توفير جميع المواد الاولية و الامن الغدائي و المائي للمواطنين .. كما حافظت على الدعم الغير المباشر للمواد الاولية .. كما عزت غلاء اسعار بعض المواد الاولية كالمحروقات لأسباب دولية خارجة عن ارادتها ..
في حين ترى المعارضة بان حصيلة هذه السنة لم ترقى الى مستوى تطلعات المغاربة .. و هي حصيلة ضئيلة حصيرة لم تبرح مكانها .. و ضلت حبيسة الرفوف و الاوراق .. و كل ما قدمت به الحكومة مجرد هوامش و تبريرات و حلول بدائية تفتقر للإبداع و الابتكار .. فلا شيء تحقق في قطاع التربية و التكوين و لا قطاع الثقافة و الرياضة و لا قطاع الشغل و الصحة .
و في ضل هذا التجاذب و التضارب بين الرأيين يبقى رأي ثالث يقول بضرورة منح المزيد من الوقت للحكومة لان السنة الاولى كانت سنة دهشة و بهجة لوزراء جدد لا سابقة لهم في تدبير الشأن العام او الشأن الجهوي أو المحلي .. و هذا يقودنا الى الفصل الثاني .
الفصل الثاني : سؤال الدخول السياسي و الملفات المطروحة.
بعد سنة من الارتباك و الحيرة الحكومية ، سنة من الدهشة و البهجة الوزارية ، جاء الخطاب الملكي للعرش و خطاب جلالته لعيد الشباب و ثورة الملك و الشعب لسنة 2022 ، موجها و محددا للعمل الحكومي ، و داعيا للحكومة بالنهضة من غفلتها ، و الاستيقاظ من دهشتها ، و العمل على خلق الاستثمار و الشغل ، و الصحة و الحماية الاجتماعية ، و التربية التعليم، و فتح الباب للجالية المغربية و كفاءاتها بمختلف شرابيبهم و خاصة الجالية اليهودية … و من خلال هذين الخطابين الساميين يمكن الجزم بان اهم الملفات التي يجب ان تفتحها الحكومة مباشرة بعد الدخول السياسي الجديد هي : اولا ميثاق الاستثمار و فتح المزيد من فرص الشغل ، و ثانيا الحماية الاجتماعية و السجل الاجتماعي ، و ثالثا تنزيل القانون الاطار للتربية و التكوين ، و رابعا ملف الجالية المغربية بالخارج .وخامسا ملف الوحدة الترابية و تنمية الاقاليم الجنوبية
1- – ميثاق الاستثمار و خلق فرص الشغل : من أهم و أكبر الملفات التي يجب على الحكومة مباشرتها هي إخراج ميثاق الاستثمار للوجود ، و توفير الدعم المباشر للمقاولات الصغرى و المتوسطة والكبرى لتقوية النسيج المقاولات بالمغرب و خارج المغرب و خاصة المقاولات المغربية التي تعمل بدول افريقيا ، هذا الميثاق سيسرع وتيرة التصنيع و الاستثمار في الطاقات المتجددة و الصناعات الكبرى في الطيران و التكنولوجية و الطاقات النووية النظيفة . كما سيوفر عدد كبير من فرص الشغل لان الفلسفة التي سيبنى عليها الدعم في ميثاق الاستثمار هو تحقيق فرص الشغل .
2– الحماية الاجتماعية و السجل الاجتماعي و التغطية الصحية للجميع: ثاني أهم ملف يجب على الحكومة مباشرته خلال هذا الدخول السياسي هو ملف الحماية الاجتماعية ، و هذا يتضمن محورين، الأول مرتبط بالدعم المباشر للأسرة الفقيرة و لذوي الاحتياجات و الارامل عبر السجل الاجتماعي .. و هذا يفرض على الحكومة اخراج السجل الاجتماعي خلال هذه السنة كما امر جلالته بالتسريع بإخراجه … ثاني محور هو التغطية الاجتماعية .. أي تقديم الخدمة الصحية من تطبيب و علاج و دواء و عمليات جراحية لجميع المواطنين بالمجان .. و هذا ورش كبير تعمل وزارة الصحة ووزارة الداخلية بشكل سريع و مكثف على تهيئته و إعداده للخروج خلال هذه السنة ايضا.. فهل ستتمكن الحكومة حقا من كسب هذا الرهان خلال هذه السنة التشريعية .
3- – تنزيل القانون الاطار التربية و التكوين رقم 51-17 : هذا ملف كبير و سبق الحكومة السابقة العمل على إخراجه للوجود .. و أصبح من الملفات المطروحة بقوة هذه السنة على الحكومة ، بل من الواجب عليها أن تفعله مباشرة بعد انطلاق الدخول السياسي الجديد.. كما على وزير التعليم العالي أن يعجل بإحداث 32 نواة جامعية التي وقعت عليها الحكومة و مجالس الجهات و المجالس الاقليمية السابقة . أو أن يتجه نحو الاقطاب الجامعية .. على الحكومة أن تتحلى بالجرأة الزائدة للحسم في هذا الملف : ملف الأنوية أو الاقطاب الجامعية و عدم الوقوف في مكان يطبعه الحيرة و الدهشة لأزيد من سنة .
4– ملف الجالية المغربية و ادماجها في النسيج الاقتصادي و الاستثماري الوطني: من أهم الملفات الكبرى التي ستعالجها الحكومة خلال هذا السنة بدعوة من جلالة الملك، و قد تناول ميثاق الاستثمار الجديد فرعا يصب في هذا الاتجاه .. لكن الحكومة ستزيد من المساهمة الفعلية في توفير كل الظروف المادية و الزمانية و المكانية لعودة الكفايات و العقول و الأدمغة المغربية المقيمة بالخارج .. و خاصة الجالية اليهودية التي يفوق عددها 500 الف مواطن مغربي يهودي بمختلف أنحاء العالم ..
5- – ملف الوحدة الترابية و مزيد من التنمية للأقاليم الجنوبية: من أهم م الملفات التي يجب على الحكومة الاشتغال عليها بعمق .. ملف الوحدة الترابية و التكثيف من الاتفاقيات الاقتصادية و الثقافية و الصحية و الرياضية و الشبابية مع البلدان التي تنظر بمنظار مغربية الصحراء .. كما على الحكومة فتح مزيد الاوراش الكبرى بالأقليم الجنوبية من شبكات عمومية (طرق ماء كهرباء سكك حديدية ) و بناء المزيد من المرافق العمومية لمختلف القطاعات بمختلف الاقليم الجنوبية .
خاتمة
هذه هي أبرز الملفات المطروحة على الحكومة خلال الموسم الساسي الجديد جئنا بها في هذا الفصل في خمس نفط .. و تلك أهم حصيلة للحكومة سقناها في الفصل الاول في أربع نقط.
وتبقى هذه مجرد وجهة نظر .. قد توافق الغير ، و قد لا توافقه .. تروق هذا و لا تروق ذاك .. لكن الاختلاف لا يفسد للود قضية ..
و الحمد لله الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده.
مقال بقلم: د. عبد النبي عيدودي
- نائب برلماني عن حزب الحركة الشعبية
- باحث في الشؤون الدينية والسياسية
- مدير المركز المغربي للقيم والحداثة
- دكتوراه في العقائد والأديان السماوية
- دكتوراه في القانون الدستوري وعلم السياسة