بدأت القصة بشكاية عادية سجلها زوجان أمام النيابة العامة بسلا، موضوعها ابتزاز شاب من مواليد 1983 لهما في مبلغ خمسة ملايين سنتيم، مقابل عدم تسريب أشرطة جنسية لابنتهما.
حير هذا الابتزاز الوالدين، ففكر الأب في تسديد المبلغ، لكن سرعان ما دفعته شجاعته إلى اللجوء للقضاء، متغلبا على النظرة المجتمعية بأن الفضيحة وسط الأسرة وصمة عار، رغم انتمائه إلى حي شعبي بسلا. ورغم أن المبتز كان بدولة الإمارات العربية المتحدة، ظل المشتكيان ينتظران عودته إلى أرض الوطن، ليجد نفسه موضوع شكاية بالنصب والابتزاز أمام القضاء، وينقل نحو مقر الشرطة القضائية بسلا، دون أن يدري أن المطاف سينتهي به بجرائم الاتجار في البشر والاغتصاب.
بدأت الحكاية بتعرف الفاعل في الجرائم على الفتاة داخل محل صنع الحلويات في ملكية المشتكي. ودار حديث بينهما ذات مرة للسفر نحو الخارج قصد العمل، لتعرف الفتاة أن المتورط يشتغل بين الفينة والأخرى بالإمارات، وأنه على علاقات بأرباب العمل هناك، فاقترحت عليه البحث لها عن عقد عمل.
ظلت المفاوضات قائمة بين الطرفين، انتهت بتقديم الفاعل للفتاة وعودا بالزواج منها لتهجيرها إلى الإمارات، رغم أنه متزوج، وسلك طلب تأشيرة بوساطة منه، ما مكن الفتاة من السفر للإمارات.
حقائق أخرى
فور وصول الفتاة إلى بلد المهجر، تفاجأت بالمشتكى به يلحق بها مباشرة، ليتدبر لها عملا لدى صاحبة محل حلاقة، لكنها رفضت الاشتغال في الدعارة حسب قولها لمحققي الشرطة، بعدما اكتشفت أن صاحبة المحل ما هي إلا وسيطة في البغاء لفائدة الشخصيات الراغبة في قضاء ليال حمراء.
جنس وتوثيق
بعدما وجدت الفتاة نفسها بدون عمل، اضطرت للسكن مع الوسيط في تهجيرها، الذي وعدها بالزواج، فعاشرها معاشرة الأزواج، وظلت بالبيت الذي يكتريه، لكن حينما طلبت منه توثيق العقد، بدأت المشاكل بينهما.
فكر الفاعل في توثيق علاقته مع الفتاة في أوضاع جنسية مخلة بالحياء، للاحتفاظ بالأشرطة وسيلة ابتزاز، وبعدما تفاقمت المشاكل بينهما، هدد أسرتها بإرسال الأشرطة إلى والديها في حال رفضها العمل في الدعارة، ولم يقف عند هذا الحد، بل هدد بإرسال المحتويات الرقمية إلى طليقها السابق قصد إسقاط الحضانة عنها، وانتهى الأمر بتهديد مباشر بإرسال خمسة ملايين مقابل عدم النشر.
وسيط كبير في الدعارة
بعدما اكتشفت الفتاة أن الوسيط صورها في أوضاع إباحية، تبين لها أنه يقوم بالأفعال نفسها مع فتيات أخريات، لتسرق منه معطيات رقمية من هاتفه، وتحولها إلى قرص مدمج لإظهار أن المعني بالأمر يتزعم شبكة للدعارة العابرة للقارات، وأن فتيات أخريات يتعرضن للطريقة نفسها، عبر ادعاء الفاعل أنه يتوفر على مناصب شغل بدولة الإمارات، وله علاقات مع شخصيات هناك، وبعدها تجد الضحايا أنفسهن وسط عالم الدعارة، وأدلت بالقرص المدمج إلى النيابة العامة، فعملت الضابطة القضائية على تفريغه في سبع صفحات.
رواية الوسيط
بعد سقوط المشتكى به في قبضة أمن سلا، فور عودته من الإمارات، وهو من مواليد 1983 متزوج وأب لثلاثة أبناء، أكد أنه تقدم لخطبة المشتكية ووافقت على الزواج منه، رغم علمها أنه متزوج، بعدما تعرف عليها بمحل لبيع الفطائر في ملكية والدها، وبعدما هاجرت معه إلى الإمارات، بات يعاشرها معاشرة الأزواج، مضيفا أنه توسط لها في شغل بصالون للحلاقة، وبعدها شرعت في العمل بمجال الدعارة، مشيرا إلى أنها تتعاطى لشرب الخمر والبغاء بمحض إرادتها ونزعت الحجاب دون ضغط منه، وهو ما أكدته له صاحبة المحل.
ونفى المتهم توسطه لفتيات أخريات أو صورهن في أوضاع جنسية، وابتز أسرهن في مبالغ مالية مقابل عدم النشر.
وواجهت الضابطة القضائية الفاعل بمحادثات نصية تؤكد تسطير برنامج دعارة للمشتكية، كما وضعت أمامه الفيديوهات التي التقطها، لكنه أكد أن الأشرطة كانت تتم بموافقتها، غير أن المشتكية أوضحت أن الموقوف ظل يحرضها على الدعارة ويجبرها على ارتداء ألبسة شفافة حمراء.
تطورات في الملف
بعدما اتسعت دائرة الأبحاث التمهيدية وتفريغ محتويات رقمية جنسية، جرى تحويل الملف من مكتب وكيل الملك بسلا، نحو الوكيل العام للملك بالرباط، بعدما بدأت تطفو على السطح عناصر جرمية أولية لجناية الاتجار في البشر. استنطق ممثل النيابة العامة الموقوف في الوقائع المتضمنة بمحاضر الضابطة القضائية، لكن سرعان ما أحاله على قاضي التحقيق، للبحث التفصيلي معه في الجناية الثقيلة، ملتمسا إيداعه رهن الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني العرجات.
النقش على الخشب
ظل المتهم يؤكد أنه ليس وسيطا في مجال الدعارة، وأنه يتوفر على عقد للعمل مع شركة ديكور ومختص في النقش على الخشب، كما يتوفر على إقامة قانونية بالإمارات.
أدلــــــــــــة
بعد أبحاث تفصيلية والتحقق من وسائل الإثبات المقدمة من قبل المشتكية ووالديها، اقتنع قاضي التحقيق بتوفر أدلة كافية على ارتكاب المتهم لجناية الاتجار بالبشر، عبر التحريض على الدعارة والوساطة في البغاء والتقاط وتسجيل شخص أثناء وجوده بمكان خاص وبدون موافقته، ومحاولة الحصول على مبلغ من المال بواسطة التهديد بإفشاء أمور شائنة ونسبة أمور شائنة للغير والاغتصاب. وكان الشاب المتزوج والأب لثلاثة أبناء يمني النفس بمتابعته بجنح تأديبية بسيطة بمحاولة النصب، لكن وجد نفسه أمام اتهامات ثقيلة، ليمثل وحيدا أمام قضاة غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بداية الأسبوع الجاري، للنظر في المنسوب إليه.
عن جريدة الصباح