يستمر تجاهل الحكومة باعتمادها منطق سياسة الآذان الصماء إزاء الملف المطلبي لرجال ونساء الصحة، مقابل استمرار التصعيد النضالي بشكل غير مسبوق الذي يعطل أسبوعيا الخدمات الصحية لثلاثة أيام متتالية مع تنظيم وقفات احتجاجية إقليمية و جهوية.
واقع يؤكد بشكل ملفت ومقلق السياسة الحكومية المعتمدة في مجال تدبير القطاعي الصحي، أمر غاية في الغرابة والحيرة بحكم عدة اعتبارات التي تناقض النتيجة السلبية والاحتقان اللذان أضحيا مزمنين وغير منطقيين، نظرا للوعود الواعدة والكبيرة التي تلقها رجال ونساء الصحة والتي يستحيل تكذيبها أو حتى التشكيك في أمرها.
لأنه صرح بها، أيام كان الجميع متشبثا بالحياة، أيام كان الجميع يخاف من الجميع، أيام كان الجميع يحن إلى أصحاب الوزرة البيضاء، أيام كان العالم يخشى كورونا.
علاوة إلى أن الملف المطلبي لقطاع الصحة كان نتيجة وثمرة أزيد من خمسون اجتماعا وجاء التوقيع عليه من طرف الشركاء الاجتماعيين ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية بعد شد و جدب، والمراوحة في الأخذ والرد، فضلا على ظهور وعود أخرى مغرية مرتبطة بتدشين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لإصلاحات جدرية في إطار مشروع الحماية الاجتماعية، وذلك برفع شعار تثمين الموارد البشرية.
كما استفضل رئيس الحكومة في برنامجه الانتخابي محور الزيادة والرفع من أجرة مهنيي الصحة كورقة رابحة لحصد الاصوات، كلها عناصر تؤكد على أن الملف المطلبي لمهنيي الصحة مشروع ومستحق.
فلماذا هذا الاقصاء الممنهج الذي تترتب عنه نتائج وخيمة معطلة لمصالح المواطنين المرضى وفي ذات الوقت تفوت على خزينة الدولة إيرادات ومداخيل مهمة يوميا ؟ فإلى متى سيستمر هذا الوضع الغير المرغوب فيه و الغير السليم؟
ما هو مؤكد استحالة عدم الاستجابة لمطالب رجال ونساء الصحة لان جميع القطاعات استفادة من الزيادة في الراتب دون استثناء، فلابد إذن من الاستجابة عاجلا ام أجلا لملفهم المطلبي من أجل إقرار مبدأ الانصاف من جهة ومن اجل توقيف الاحتقان من جهة اخرى.
فلا يمكن استمرار هذا الوضع الشاد مهما تمطلت و تعنتت الحكومة في تنفيذ الملف المطلبي لمهنيي الصحة، فلا يجوز لحسابتها السياسوية أن تستمر في فرض واقع يعطل مصالح المواطنين المرضى وأن تساهم في تذمر و إحباط رجال ونساء الصحة تحديدا في ظل الإصلاحات الجدرية التي انخرطت فيها الحكومة بشكل عام و وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على وجه التحديد بغاية تنزيل المشروع الملكي الهام الخاص بالحماية الاجتماعية.
إن خيار التسوية بات قريبا جدا، لان مهنيي الصحة لهم وعي سياسي وثقافة سياسية جيدة و مستوعبة للمشهد ولهم دراية، فهم يتابعون شبكات التواصل الاجتماعي و الجرائد ولهم القدرة على التمييز.
علاوة على أن الضغط النضالي الذي انطلق منذ ستة اشهر مستمر بشكل تصاعدي، مما سيزيد من حدة التوثر والاحتقان، أنها عناصر محرجة للحكومة يصعب معها البقاء على خطتها في انتهاج سياسة الاذان الصماء بتبنيها لغة الصمت حيال مطالب الشغيلة الصحية، فلا خيار لها سوى مراجعة أوراقها لاستتباب السلم الاجتماعي وتلبية حاجيات المواطنين المرضى بالاستجابة للملف المطلبي لمهنيي الصحة في شموليته.
حبيب كروم