لم يتقبل رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، محمد البكوري، ما يؤكد عليه رئيس هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها، محمد بشير الراشدي، حين اتهم مؤسسات وقطاعات حكومية بـ”الفساد”، رغم أنه لم يقل سوى ما تقوله الأرقام والحقائق وما يُمليه عليه منصبه كرئيس لمؤسسة تبحث عن الفساد لمحاربته.
واعتبر البكوري، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الصحة بلجنة التعليم والقطاعات الاجتماعية بمجلس المستشارين، مساء اليوم الأربعاء، أن فريقه قرر الانسحاب من مناقشة الميزانية الفرعية لهيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، بعدما تضمنت تصريحات رئيسها اتهامات بـ”الفساد” موجهة إلى جميع المؤسسات والقطاعات الحكومية.
وقال إنه بمجرد اطلاعه على الأرقام التي وردت في عرض الراشدي، قرر رفقة مستشاري التجمع الوطني للأحرار مغادرة القاعة، لأن العرض تضمن اتهامات شاملة بالفساد، حسب تعبيره.
ورأى البكوري أن هذه الأرقام تستدعي التوقف عندها ومساءلة مصدرها وكيفية الحصول عليها، مشيراً إلى أنها تتضمن اتهامات خطيرة، مطالبا وزير الصحة بالرد على تصريحات الراشدي، خاصة في ظل الإشارة إلى أن قطاع الصحة يسجل أعلى نسب الفساد وطنيا.
وختم قائلا: “فريق التجمع الوطني للأحرار انسحب بالكامل من الاجتماع لأنه لا يُعقل اتهام المغرب بأكمله بالفساد”.
وليست هذه المرة الأولى التي يجد فيها الراشيدي نفسه أمام تعبيرات مختلفة عن غضب وامتعاض مما يقوله ويؤكد عليه، حيث إن الحكومة بنفسها كانت أول من رد عليه، على لسان مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، بخصوص التقرير الذي أصدرته الهيئة والتي قالت فيه إن الحكومة متقاعسة عن دورها في محاربة الفساد وفق المقتضيات الدستورية التي تنظم عمل هذه المؤسسة.
وقال بايتاس حينها إن “محاربة الفساد هو انشغال كبير لدى الحكومة اشتغلت عليه بعمق منذ تنصيبها ويكفي أن نذكر أن على سبيل المثال لا الحصر على إجراءين كبيرين جدا، حيث يتعلق الإجراء الأول بحجم المتابعات التي ارتفعت والتي تؤكد الحرص القوي للحكومة في متابعة أي مس بالمال العام أو أي مظهر من مظاهر الفساد”، و الإجراء الثاني حسب المسؤول الحكومي، يتمثل في المصادقة على مرسوم الصفقات العمومية الذي يتضمن مضامين جديدة أخضع جميع المساطر إلى مسطرة العروض، وهو يؤكد الإنرخاط القوي للحكومة في مواجهة الفساد والمساهمة في حصرها”.
غير أن الراشدي يتشبث بما ورد في التقرير، وتشبث بتصريحاته المنتقدة لضعف تفاعل الحكومة مع توصيات الهيئة وعدم عقد رئيسها عزيز أخنوش اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد منذ تنصيبها، مُعتبرا أن “هذه التصريحات التي انبنت على تحليلات موضوعية للهيئة لم يكن الغرض منها مُهاجمة الحكومة أو تسجيل الأهداف عليها”، ورافضا تحويل قضية مُكافحة الفساد إلى “مجال للمزايدة بين السلطة التنظيمية والمؤسسات الدستورية”.