اعتبر الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية أن مشروع القانون التنظيمي رقم 79.15 الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، “حصر هذا الحق في الأجراء دون غيرهم من العمال المستقلين وعمال المنازل والمهن الحرة، ومنع الأجير الواحد أو أجرين من ممارسته”، لذلك يرى أنه لا يمكن تعريف الإضراب بكونه “توقف جماعي”.
كما عاب الفريق على المشروع نفسه، والذي تقدمت الفرق والمجموعة البرلمانية بمجلس النواب بتعديلات بشأنه، كون المشروع “لم يوضح المقصود بالمصلحة الاجتماعية أو الاقتصادية من الإضراب”، إذ اعتبر أن “تعريفه ضيق ومبتور يُقصي فئات من ممارسة حق الإضراب”.
واقترح الفريق حذف المادة 5 التي تشير إلى أن “كل إضراب لأهداف سياسية ممنوع”، مبرزا أن المشروع ” منع الإضراب لأسباب سياسية دون تحديد أو تعريف دقيق، وبالتالي لا حق لأي كان أن يضرب ضد السياسات العمومية”، متسائلا “كيف يمكن أن نميز بين الإضراب السياسي والاقتصادي؟”، مشيرا إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإلغاء هذا المنع أو إضافة كلمة “محضة” بسبب صعوبة تمييزه من الإضرابات.
واقترح إضافة مادة جديدة تشير إلى أن “أنواع وأشكال الإضراب، تتحدد وفق ما هو متعارف عليه في الممارسة النقابية على المستويين الدولي والوطني، بما في ذلك الاعتصام والتضامن والتناوب والتباطؤ”.
وتماهى الفريق مع توصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعدم حرمان الموظفين العموميين من حقهم في الإضراب، مشيرا إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوصى بحصر لائحة الفئات التي لا يحق لها ممارسة حق الإضراب بما يتلاءم مع مبادئ منظمة العمل الدولية ونقل بعضهم إلى الفئات التي تستلزم الحد الأدنى من الخدمة وتمتيعهم بالضمانات البديلة للتفاوض الجماعي تعويضا لهم عن هذا القيد، كما دعا إلى عدم مد المنع إلى كافة الوزارات، وجعله مقتصرا فقط على من يتحملون مسؤوليات باسم الدولة.
وشدد على أن تقييد الجهة الداعية إلى الإضراب بنقابة العمال كهيئة وحيدة، “يحرم هيئات وفئات اجتماعية أخرى كالنقابات الأقل تمثيلا والجمعيات المهنية”.
واقترح حذف المادة التي يشير فيها المشروع إلى أن الجهة الداعية إلى الإضراب هي “النقابة الأكثر تمثيلا (…) وفي حال عدم وجودها النقابة التي حصلت على أكبر نسبة من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو أغلبية المأجورين في حالة عدم وجود تمثيلية عن النقابة في المقاولة أو المؤسسة المعنية أو المرفق العمومي المعني إذا تعلق الأمر بإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي”.
ويرى، أيضا، أن التمثيلية النقابية في التشريع الوطني، بالقطاعين العام والخاص، “تطرح إشكاليات عديدة، كما أن هذا يرغم الأفراد على الانضمام للنقابات رغما عنهم”.
وبخصوص “الحد الأدنى من الخدمة”، والذي يُعرف المشروع على أنه “قدر كاف من الخدمات الأساسية يجب تأمينه لضمان استمرارية تقديمها للمرتفقين في حالة ممارسة حق الإضراب”، قال الفريق الاشتراكي في تعديلاته إن الأمر يجب أن يُحدد بموجب اتفاقيات الشغل الجماعية، مشيرا إلى الفصل 8 من الدستور تنص على “تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وفق الشروط التي ينص عليها القانون”.
ورفض الفريق الإبقاء على المادة 4 من مشروع القانون التنظيمي رقم 79.15 الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بخصوص الفئات التي يحق لها الإضراب، والتي حددتها المادة في الأشخاص الذاتيين الخاضعين لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، والموظفين والأعوان والمستخدمين لدى إدارات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية.
في هذا الصدد، اعتبر الفريق أن المشروع “لم يتطرق إلى العمل غير الأجراء والمستقلين والمهنيين وعمال المنازل وغيرهم من أصحاب المهن الحرة، والطلبة والتلاميذ، مؤكدا أن هذه الفئات كلها تمارس الإضراب، مطالبا بنسخ المادة تماشيا مع توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي طالب بتوسيع دائرة الجهات التي يحق لها ممارسة الإضراب لتشمل الأجراء الذين لا يخضعون بالضرورة لمدونة الشغل أو نظام الوظيفة العمومية.
وبخصوص شروط وكيفيات ممارسة الإضراب، والواردة في المادة 7 التي تشير إلى أنه لا يمكن اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب إلا بعد انصرام أجل ثلاثين يوما من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من الجهة التي يمكن لها الدعوة إلى الإضراب، قال الفريق الاشتراكي إنه “آجال مبالغ فيها لا تستند على مسطرة تسوية النزاعات الجماعية والتصالح المنصوص عليها في مدونة الشغل، خاصة منها المادة 127 والكتاب السادس، المتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية”.
واعتبر أن “نشر البلاغ أو البيان المتضمن للدعوة إلى الإضراب للعموم، بمثابة إشعار للجهة المشغلة، والمصالح المركزية أو اللاممركزة للسلطة الحكومية المكلفة بالشغل”.
ورفض إشارة المشروع إلى أنه “في حالة تأثير ممارسة حق الإضراب على تزويد السوق بالمواد والخدمات الأساسية اللازمة لحماية حياة المواطنين وصحتهم وسلامتهم، يتعين على المشغل أو من ينوب عنه الاستعانة فورا بأجراء آخرين لتأمين استمرار المقاولة في تقديم خدماتها خلال مدة سريان الإضراب”.
وطالب بتوسيع دائرة المنع لتشمل الجميع بما في مأموري المشغل، أو ممثلي الإدارة، أو غيرهما، وإضافة منع الإجراءات التعسفية أو التأديبية أو الزجرية بسبب ممارسة الحق في الإضراب، من قبيل الانتقال التعسفي أو الحرمان من التعويضات أو التوقيف المؤقت عن العمل أو الفصل، أو فرض دعيرة، أو غيرها من الإجراءات الانتقامية.
ويشير المشروع إلى أن رئيس الحكومة يمكنه في حالة حدوث آفات أو كوارث طبيعية أو أزمة وطنية أن يـــــأمر بصفة استثنائية بموجب قرار معلل بمنع الإضراب أو وقفه لمدة محددة، وهنا يرى الفريق أنه “لا ينبغي أن يتحول إلى خصم وحكم في آن واحد، لما يتضمنه هذا المقتضى من اختلال على مستوى مبدأ التوازن في حماية مصالح الأطراف، وهو ما يتطلب تخويل البت فيه للقضاء، باعتباره جهة مستقلة ومحايدة، تماشيا مع توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان”.
وأكد أن القانون التنظيمي لا ينبغي أن يتضمن عقوبات تخص حق مكفول دستوريا، لاسيما أن ممارسة الإضراب سلمية.