بقلم ادريس السدراوي
قرار إغلاق مقهى ODETTE يكشف عجز رئيسة ا لمجلس وأغلبية هشة، وانتقائية الشرطة الإدارية التي تتغاضى عن مقاهي الشيشة وقاعات الألعاب، في مقابل بوادر أمل في مبادرات العامل بروح جديدة أقرب للمواطن.
انتُخب المجلس الجماعي بالقنيطرة ليكون في خدمة الساكنة، حاملاً آمالها في تحسين أوضاعها وتيسير حياتها اليومية. لكن ما يجري اليوم يكشف عن مفارقة خطيرة: رئيسة مجلس عاجزة عن ضبط ما يجري بسبب أغلبية هشة، ونائبها المكلف بالشرطة الإدارية الذي حوّل موقعه إلى سيف مسلط على أرزاق المواطنين. أبرز مثال على ذلك قرار إغلاق CAFE ODETTE، الذي شكّل صدمة للساكنة وأثار موجة من التساؤلات حول من يمثلها فعلاً.
خروقات قانونية في قرار الإغلاق
قرار إغلاق مقهى ODETTE افتقد للمشروعية، إذ لم يستند إلى خروقات مضبوطة أو تقارير واضحة، بل إلى نصوص عامة استُعملت بانتقائية. الأخطر أنه تجاوز مبدأ التدرج في الجزاءات الإدارية، فقفز مباشرة إلى أقصى إجراء وهو الإغلاق، دون منح آجال معقولة لتسوية الوضعية. هذا يفضح الطبيعة العقابية للقرار، أكثر مما يُظهر حرصاً على النظام العام أو المصلحة العامة.
ازدواجية المعايير.. التستر على مقاهي الشيشة وقاعات الألعاب
المفارقة أن الإغلاق استُعمل بحزم ضد مقهى عادي، بينما تُترك مقاهي الشيشة وقاعات الألعاب تشتغل حتى ساعات متأخرة من الليل، رغم ما يُعرف عنها من تجاوزات خطيرة:
فضاءات تتحول إلى بؤر لاستهلاك مواد مضرة بالصحة العامة.
استقطاب قاصرين وشباب لممارسات منحرفة.
إخلال بالسكينة العامة داخل الأحياء.
ومع ذلك، لا تحرّك الشرطة الإدارية ساكناً تجاهها، في وقت تُسارع فيه لإغلاق مقاهٍ عادية التزمت بالمساطر. هذه المفارقة تكشف أن القانون صار يُطبق بمزاجية، يخدم مصالح ضيقة بدل أن يكون إطاراً للعدالة.
قنيطرة بسيف مسلط على البعض وعين عمياء على الآخرين
لم يعد الأمر يتعلق بمقهى واحد أو بقرار إداري معزول، بل بمسار متكرر يُكرّس تمييزاً ممنهجاً.
هناك مقاهٍ تُغلق بقرارات سريعة وقاسية، تُستعمل ضدها كل أدوات المنع والضغط.
وهناك أخرى تُترك خارج دائرة المحاسبة، رغم تجاوزاتها الواضحة.
بهذا الشكل، أصبحت القنيطرة تُدار تحت شعار: سيف مسلط على البعض، وعين عمياء على الآخرين. وهو ما يُعري عن فقدان المصداقية في التدبير الجماعي، ويعمّق فقدان ثقة المواطن في ممثليه المنتخبين.
صاحبة المقهى استكملت ملفها.. لكن الرئيس صار خصماً
الأدهى أن صاحبة ODETTE لم تكن في وضعية تهرب من القانون، بل استكملت ملف الترخيص ورفعته عبر المنصة الإلكترونية. أي أنها التزمت بكل المساطر. كان المنتظر من النائب، بصفته رئيس الشرطة الإدارية، أن يواكبها ويُيسر المساطر، لكنه اختار أن يتحول إلى خصم مباشر، مُصدراً قراراً يقطع مورد رزق عشرات الأسر.
رئيسة المجلس.. رهينة أغلبية هشة
رئيسة المجلس لم تعد تمارس دورها الطبيعي كضامنة للشرعية ومصلحة الساكنة، بل انكفأت على نفسها خشية تفكك أغلبية هشة. في لحظة حاسمة كان يُنتظر منها أن توقف التجاوزات وتفرض عدالة في تطبيق القانون، فضّلت الصمت للحفاظ على التوازنات السياسية. وهكذا تحوّلت من قائدة منتخبة إلى متفرجة عاجزة، تاركةً المواطن فريسة قرارات تعسفية.
السلطات إلى جانب المواطن.. والمنتخب ضده
في مفارقة لافتة، بدأ المواطن يجد تفهماً لدى بعض السلطات الإدارية، بينما يُواجه صرامة وانتقائية من ممثليه المنتخبين. لقد انقلبت المعادلة: المنتخب الذي جاء بإرادة المواطن صار خصماً له، فيما صارت السلطات أكثر عقلانية في بعض الملفات. هذا الوضع يُجسد أزمة عميقة في مفهوم التمثيل الديمقراطي، حيث غاب المنتخب عن دوره كوسيط بين الدولة والمواطن، وأصبح طرفاً في نزاع يهدد الاستقرار الاجتماعي.
العامل.. بوادر روح جديدة وأمل الساكنة
في خضم هذا الانسداد، بدأت تلوح بوادر أمل في مبادرات عامل الإقليم، الذي أبان عن روح جديدة قائمة على القرب والإنصات والاشتغال الميداني. المواطنون لمسوا في خطواته الأولى إشارات جدية لإعادة الاعتبار للعمل المؤسساتي وضمان التوازن بين فرض القانون وصيانة الحقوق. بالنسبة للساكنة، صار العامل عنواناً لانتظار التغيير وإعادة الثقة في المؤسسات.
—
نحو جبهة مستقلة لمواجهة الشطط
أمام هذا الوضع، لم يعد ممكناً ترك المواطن وحيداً في مواجهة قرارات تعسفية. المطلوب اليوم هو تأسيس جبهة مستقلة، ذات نفس حقوقي ومدني، بعيدة عن الاصطفافات السياسية، تضم جمعيات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية والفاعلين الاقتصاديين.
هذه الجبهة يمكن أن تعمل على:
رصد وتوثيق الشطط الإداري.
مؤازرة المتضررين قانونياً وحقوقياً.
الدفاع عن الحق في العمل والعيش الكريم.
الضغط من أجل تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
القنيطرة اليوم تعيش مشهداً متناقضاً: رئيسة مجلس عاجزة بأغلبية هشة، ونائب يستعمل الشرطة الإدارية كأداة للانتقام والتمييز، في مقابل عامل أبان عن نفس جديد وأفق أمل. وبين هذا وذاك، لم يعد أمام المواطن سوى أن يتشبث بحقوقه عبر جبهة حقوقية مستقلة، حتى يستعيد التمثيل الجماعي معناه الحقيقي.
فالساكنة لم تنتخب من يقطع أرزاقها، بل من يدافع عن حقها في العيش الكريم.
*مقالات الرأي لا تمثل بالضرورة رأي awalpresse