وجّه محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مذكرة إلى قضاة أقسام قضاء الأسرة ورؤساء المحاكم الابتدائية، تحت إشراف الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف، بخصوص المقررات القضائية المتعلقة بالإذن بالتعدد.
وتأتي المذكرة على خلفية تقارير توصل بها المجلس، كشفت أن بعض طالبي الإذن بالزواج يلجؤون إلى الإدلاء بمقررات قضائية مزورة بالتعدد، بهدف الحصول على إذن بالزواج المتعدد.
وأكدت الأبحاث والتحريات التي قامت بها النيابة العامة في هذا الشأن وجود شبكة متخصصة في تزوير هذه المقررات، تنشط على مستوى منصات التواصل الاجتماعي، تستقطب أشخاصا راغبين في استعمال تلك الوثائق المزيفة أمام قضاة الأسرة المكلفين بالزواج.
وحذّر عبد النباوي القضاة من خطورة التعامل مع مثل هذه الوثائق، داعيا إياهم إلى التأكد، قبل منح الإذن، من أن المقرر القضائي بالتعدد المدلى به عبارة عن نسخة تنفيذية سليمة، مع إجراء التحريات اللازمة حول صحته عبر مختلف الوسائل القانونية، خصوصا من خلال أقسام قضاء الأسرة أو المراكز القضائية المعنية، أو عبر نظام “ساج 2”.
ونظام “ساج 2″ هو منصة رقمية تعتمدها وزارة العدل وتستفيد منها المحاكم لتدبير القضايا الزجرية، وضبط شهادات الشهود، وتتبع الملفات المدنية والأسرية والزجرية، وقد خضع مؤخرا لتطوير وظائف جديدة في أفق تعميمه على مختلف محاكم المملكة.
وشدد الرئيس المنتدب على ضرورة إشعاره مباشرة بأي صعوبات قد تعترض القضاة في هذا المجال.
وليست هذه المرة الأولى التي يُنبه فيها الرئيس المنتدب إلى هذه الظاهرة، إذ في سنة 2022 وجه مراسلة إلى قضاة الأسرة ورؤساء المحاكم، نبه فيها إلى معطيات مثيرة تفيد بوجود تحايل على الإذن القضائي المتعلق بالتعدد، وصل حد استغلال بعض الأزواج الوثيقة الممنوحة لهم لإبرام عقود زواج متعددة بشكل غير قانوني.
وأوضح خلالها أن المجلس توصل بمعلومات تفيد بقيام بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد باستخدام الإذن نفسه أكثر من مرة، دون العودة إلى المحكمة لاستصدار إذن جديد، مستغلين ثغرة عدم تضمين اسم المرأة المراد الزواج بها في المقرر القضائي، ما يجعل الوثيقة أشبه بـ”شيك على بياض”.
واعتبر أن هذا الوضع يفرغ النصوص القانونية التي وُضعت لحماية الأسرة من مضمونها، ويهدد حقوق الزوجات، لاسيما حق المرأة في معرفة هوية الزوجة التي يعتزم زوجها الارتباط بها، وتمكينها من فرض شروط لفائدتها أو لمصلحة أطفالها، وفق ما تنص عليه المادتان 44 و45 من مدونة الأسرة.
وشددت المراسلة نفسها على أن القاضي ملزم بإشعار المرأة المراد التزوج بها في حالة الإذن بالتعدد قبل إبرام العقد، مع ضرورة رضاها بعد علمها بأن الخاطب متزوج بغيرها. كما أكدت أن الإذن بالتعدد ليس وثيقة عامة مفتوحة، بل مقرر قضائي يخص واقعة محددة ومعينة بذاتها، ولا تتعدى حجيته الظروف التي صدر من أجلها.
ودعت الوثيقة إلى صياغة هذه الأذون القضائية بدقة ووضوح لتفادي أي تأويل أو سوء استعمال، مؤكدة أنه لا يجوز أن يُستغل الإذن لإبرام عدة زيجات بدل زيجة واحدة، وهو ما يفرض أن تكون طلبات الأطراف محددة بدقة، وأن تتضمن جميع البيانات المتعلقة بالوضعية، وفي مقدمتها هوية المرأة المراد الزواج بها.