وجهت فرق المعارضة بمجلس النواب انتقادات حادة للحكومة، متهمة إياها بـ”الفشل في الوفاء بوعودها”، وبأنها خلقت فجوة “صادمة” بين الشعارات البراقة والواقع الاجتماعي المتأزم الذي يعيشه المواطنون، حيث تواصل الأسعار ارتفاعها، وتتدهور القدرة الشرائية، وتتعاظم معدلات البطالة دون حلول ملموسة.
وفي جلسة مناقشة مشروع قانون المالية، اعتبر نواب المعارضة أن الغلاء أصبح من أبرز سمات المرحلة، وأن الإجراءات الحكومية “لم تنجح في خفض الأسعار أو تحسين دخل الأسر”، مؤكدين أن أي سياسة لا تُحدث أثراً مباشراً في حياة المواطن ولا تفتح آفاق الشغل تبقى سياسة فاشلة بكل المقاييس.
شهيد: الأغلبية العددية لا تصنع التاريخ
رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، شنّ هجوماً لاذعاً على الأغلبية البرلمانية، قائلاً إن “الأغلبية العددية لا تصنع تاريخاً ولا مجداً”، منتقداً ما وصفه بـ”الحضور الباهت” لمكوناتها خلال مناقشة مشروع قانون المالية، حيث اكتفى نوابها – بحسبه – بالإشادة بالحكومة قبل أن ينهوا مداخلاتهم بمطالب واحتجاجات تشبه تلك التي ترفعها المعارضة.
واتهم شهيد بعض الوزراء والأغلبية بـ”شخصنة النقاش ومحاولة تقويض عمل المعارضة”، مشيراً إلى أن “بعض الردود الحكومية أضفت طابع القداسة على الوزراء، وكأن انتقادهم محظور”. كما حذّر من “نزعة التبخيس التي تلعن الماضي وتؤرخ لبداية السياسة من سنة 2021″، مذكراً بأن “ما يتمتع به المغاربة اليوم من حرية تعبير هو ثمرة نضال وطني وتعاقد تاريخي بين الملكية والقوى الوطنية”.
السنتيسي: الحكومة وعدت بالإصلاح وأغرقت المواطن في الغلاء
من جهته، انتقد رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، ما وصفه بـ”الهوة الواسعة” بين الوعود الحكومية والواقع المعيشي، مشدداً على أن المواطنين يعيشون ضغطاً اجتماعياً غير مسبوق، في ظل غلاء طال المواد الأساسية كاللحوم والطماطم والمحروقات، “التي أصبحت من بين الأغلى عربياً”.
وأشار السنتيسي إلى أن البطالة تمثل مأساة للأسر المغربية، متسائلاً عن عدد الأسر التي تمكنت فعلاً من إخراج أحد أبنائها من دائرة البطالة، مؤكداً أن الأرقام الرسمية صادمة، وأن أي سياسة لا تخلق فرص شغل “فهي سياسة فاشلة”. كما لم يتردد في وصف بعض الوزراء بـ”الكسالى”، مستثنياً الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، الذي اعتبره “نموذجاً في الكفاءة والتتبع الدقيق للسياسات العمومية”.
العبادي: الوعود بتوفير مناصب الشغل لم تتحقق
أما النائب أحمد العبادي عن فريق التقدم والاشتراكية، فقد اعتبر أن الحكومة سجلت “تراجعاً مقلقاً” في إحداث مناصب الشغل، إذ لم تُترجم وعودها السابقة بإحداث مليون منصب عمل إلى واقع، كما أن وعودها الجديدة بإحداث 1.45 مليون منصب بحلول 2030 تبقى “حلماً بعيد المنال”.
وانتقد العبادي استمرار ارتفاع الأسعار رغم تخصيص دعم للمواد الأساسية، مشيراً إلى أن الهدر المالي ودعم كبار المستثمرين لم ينعكس إيجاباً على حياة المواطن، بل زاد من نسب الفقر والهشاشة، خصوصاً في العالم القروي. كما سجل فشل الحكومة في تفعيل الحماية الاجتماعية والإصلاحات في التعليم والصحة، حيث بقي ملايين المغاربة خارج التغطية الصحية والتقاعد، واستمر الهدر المدرسي وتوسع التعليم الخصوصي على حساب المدرسة العمومية.
بوانو: الحكومة “منهكة” وتسطو على إنجازات الملك
بدوره، صعّد رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، من لهجته، واصفاً الحكومة بأنها “منهكة وغارقة في تضارب المصالح والصفقات والاحتجاجات”، ومتهماً إياها بـ“السطو على إنجازات الملك” في مجالات الدبلوماسية والرياضة.
وقال بوانو إن “هذا السطو يُعد سرقة تحت الأضواء الكاشفة”، معتبراً أن الحكومة “سقطت قبل نهاية ولايتها”، وأن حديثها عن التماسك “يكذبه الواقع”، مستشهداً بتصاعد الخلافات داخلها. كما انتقد ما وصفه بـ”تسييس قضية عيد الأضحى” و”حرمان المغاربة من الأضحية”، متهماً الحكومة بأنها أدخلت مؤسسة إمارة المؤمنين في نقاش اجتماعي حساس.
وختم بوانو بالقول إن “الإحصاءات المتعلقة بالماشية كافية لمساءلة الحكومة وربط المسؤولية بالمحاسبة”، داعياً إلى “تحمل كامل المسؤولية عن فشلها في تدبير الشأن العام”.


