أكد محمد غيات، عضو الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن قطاع الصحة والحماية الاجتماعية يتميز برمزية استثنائية تتجاوز الأرقام الاقتصادية والمؤشرات التقنية، لأنه “قطاع يرتبط في جوهره بثقة المواطن في الدولة وبكرامته في لحظات ضعفه”، مشددًا على أن “فهم حدة المطالب الاجتماعية في هذا المجال لا يمكن أن يتم إلا من خلال استيعاب هذه الرمزية العميقة التي يحملها”.
جاء ذلك خلال مداخلة غيات في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب المخصص لمناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حيث توقف عند الدينامية الإصلاحية التي يعرفها القطاع في ظل التوجيهات الملكية.
وأشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار إلى أن الملك محمد السادس يقود اليوم أكبر ورش اجتماعي في تاريخ المغرب الحديث، يتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، معتبرًا أن هذا المشروع الوطني الضخم “لا يمكن أن يحقق أهدافه دون مستشفيات قوية ومؤهلة ومجهزة بكفاءات بشرية عالية”.
وأوضح غيات أن “ثمانين في المئة من المغاربة أصبحوا اليوم مشمولين بالتغطية الصحية”، في خطوة وصفها بأنها “إنجاز غير مسبوق في ظرف زمني وجيز”، رغم تسجيل بعض الإخفاقات “التي تبقى طبيعية في مراحل الانطلاق الأولى لأي إصلاح بهذا الحجم”.
وفي الشق المالي، أبرز محمد غيات أن قطاع الصحة والحماية الاجتماعية يتوفر اليوم على ميزانية تبلغ 42 مليار درهم، واصفًا هذا الرقم بأنه “يمثل ثورة مالية حقيقية” لتحقيق الأهداف المرسومة ضمن الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية.
وأضاف أن هذا الجهد المالي الكبير “لا يستحق التبخيس، بل يستوجب التوجيه العقلاني والنصح لتصريف الإمكانيات نحو الأولويات الضرورية التي تهم المواطن مباشرة”.
وفي معرض حديثه عن الصفقات التفاوضية، أوضح عضو الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار أنها “ليست ممارسة مستجدة، بل مسطرة قانونية معروفة”، مذكّرًا بأن رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني منح بدوره للوزير خالد آيت الطالب الصلاحية ذاتها للقيام بإجراءات استعجالية، “وهو ما يتكرر اليوم في سياق إصلاح هيكلي يقتضي سرعة التدخل”.
وأشار غيات إلى أن البرلمان ساهم بدوره في هذا الإصلاح المؤسساتي المتصل بقطاع الصحة من خلال سن القوانين المنظمة له، في إطار مقاربة تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز تعاضد الإمكانيات والحلول، تأكيدًا على الطابع التشاركي لهذا الورش الوطني.
وفي سياق ملاحظاته حول تنزيل المشاريع، عبّر النائب البرلماني عن استغرابه من تركيز وزيرة الصحة على تجربة المجموعة الصحية الترابية في طنجة دون تعميمها على باقي الجهات، مشيرًا إلى أن “الجميع ينتظر هذه الخطوة لما تحمله من إمكانات لتجويد الخدمات الصحية”.


