أكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكرس الاستمرار في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، ويحافظ في الوقت ذاته على التوازنات الماكرو-اقتصادية، مشددا على أن “هامش الخطأ في أنظمة الدعم الاجتماعي يظل واردا”.
وأوضح لقجع، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية بمجلس النواب، اليوم الخميس، أن هذا المشروع يستجيب لنتائج الحوار الاجتماعي من خلال رفع كتلة الأجور إلى 145 مليار درهم، إلى جانب مواصلة تنزيل ركائز الدولة الاجتماعية، من تغطية صحية وعرض صحي ودعم مباشر، فضلا عن المكاسب المحققة في قطاع التربية الوطنية.
وأضاف المسؤول الحكومي أن السياسة المالية للمملكة “تخضع لمنطق التدبير الاستراتيجي وتقوم على تراكم الاختيارات الصائبة، بعيدا عن الحسابات السياسية الظرفية المرتبطة بالولايات الحكومية أو البرلمانية”، لافتا إلى أن “التوازنات الماكرو-اقتصادية ليست مجرد أرقام محاسباتية، بل خيار استراتيجي لضمان استقرار البلاد”.
وفي معرض حديثه عن قرار إلغاء دعم المقاصة للمحروقات قبل أكثر من عقد، اعتبر لقجع أن “ذلك كان قرارا صائبا مكّن المالية العمومية من هامش مهم للمناورة”، مشيرا إلى أن موارد الدولة ستتضاعف خلال السنة المقبلة، مع توقع أن يختتم الاقتصاد الوطني السنة بنسبة عجز في حدود 3.5%، واستمرار انخفاض المديونية.
وبخصوص الجدل المتعلق بارتفاع أسعار الأدوية، أوضح الوزير أن مشروع قانون المالية تضمن “تخفيضا في الرسوم الجمركية على الأدوية المستوردة غير المنتجة محليا، بشرط أن يتم استيرادها في إطار الشفافية والتنافسية، وأن ينعكس ذلك على السعر النهائي لفائدة المواطن”، مؤكدا في المقابل دعم وتشجيع الصناعة الوطنية للأدوية “من خلال رفع رسومها الجمركية حماية لها من المنافسة غير المتكافئة”.
وشدد لقجع على أن المالية العمومية هي نتاج عمل تراكمي تشترك فيه الحكومات المتعاقبة، مؤكدا أن “ما تحقق اليوم هو ملك لجميع المغاربة، أغلبية ومعارضة على حد سواء”.
وأضاف أن “انسجام مشروع قانون المالية مع التوجهات الملكية ليس خيارا بل مسار طبيعي، لأن المشروع التنموي الذي يقوده الملك منذ أزيد من عقدين يقوم على توازن متناغم بين الاقتصادي والاجتماعي”.
وفي الشق الاجتماعي، كشف لقجع أن الحكومة نقلت 11 مليون مغربي من نظام “الرميد” إلى نظام التغطية الصحية الإجباري بكلفة تجاوزت 10 مليارات درهم، وخصصت أزيد من 35 مليار درهم كدعم مباشر للأسر، مع إصلاح برنامج دعم السكن بالتحول من الإعفاءات الضريبية إلى الإعانات المباشرة.
واعترف المسؤول الحكومي بأن “الوضعية الاجتماعية الحالية تتطلب مزيدا من الجهد لتصحيح الاختلالات وضمان استفادة الفئات المستحقة من الدعم”، موضحا أن بعض الفئات لم تستفد بعد لأسباب تقنية أو مهنية، كالفلاحين والحرفيين الذين غيروا أنشطتهم.
وفي هذا الصدد، أكد لقجع أن “هامش الخطأ في أنظمة الدعم أمر طبيعي، كما حدث في تجربة “الرميد” أو برامج الدعم خلال جائحة كورونا”، مضيفا أن التقييم المستمر هو الكفيل بقياس نجاعة النظام الاجتماعي الجديد.
وفي ما يخص أولويات مشروع قانون المالية، أبرز لقجع أن الحكومة خصصت دعما ماليا استثنائيا لقطاعي التعليم والصحة بقيمة 140 مليار درهم، دعما لمسار الإصلاح وتحسين جودة الخدمات، معتبرا أن “هذا خيار سياسي يعكس الإرادة في تعزيز العدالة الاجتماعية بغض النظر عن النقاش حول كفاية هذه الميزانية”.
وردّا على انتقادات المعارضة بشأن العدالة الجبائية، شدد لقجع على أن “النظام الضريبي الحالي هو ثمرة مناظرتين وطنيتين شارك فيهما الجميع، وأسفر عن اعتماد مبدأ العدالة عبر آلية الحجز في المنبع، والتي حققت نتائج إيجابية”، مبرزا أن “الضرائب لا يمكن وصفها بغير العادلة لأنها نتاج توافق وطني سابق”.
وفي ختام رده على الجدل المتعلق بتعديل المادة 74 من مشروع القانون، والذي اتهم فيه عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية الأغلبية بـ“سرقة التعديل”، أوضح لقجع أن “اللجنة البرلمانية حول المناصفة ناقشت هذه النقطة قبل أيام من تقديم التعديلات، وأنه شخصيا من وافق على إدراجها”.


