شرعت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب في المناقشة التفصيلية لقانون الإضراب، على أن تتم المصادقة عليه بعد الانتهاء من مشروع ميزانية 2025.
وبعد تأجيلات، وفي ظل بلاغات غاضبة أصدرتها أكثر من نقابة، بدأ أعضاء اللجنة في الوقوف على مواد القانون، واستمع وزير الإدماج الاجتماعي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، الذي أبدا موافقة الحكومة على عدد منها وبإعادة النظر في أخرى، في انتظار إدخال التعديلات والمصادقة عليها لاحقا.
وقال الوزير إن الصعوبة التي سيجدها النواب، بحسبه، هي وجود فئات أخرى من غير الأجراء ومذكورين في مدونة الشغل، كالبحارة مثلا، متسائلا “هل لهم الحق في الإضراب؟” مؤكدا أن الحكومة منفتحة للتفكير في هذه الفئات. وبخصوص المهنيين، اعتبر الوزير أن هناك صعوبة تتجلى في أن جميعهم ليسوا منخرطين في النقابات، أي أن هيكلة العالم المهني تطرح صعوبة “يجب الاحتياط منها جميعا” يقول الوزير.
ولفت إلى أنه عند اعتماد التعديلات وإحالتها على المحكمة الدستورية، فسترض الفصول غير القابلة للتنفيذ، أي لا يمكن صياغتها لإرضاء هذه الفئات، لأن التنفيذ لن يكون ممكننا.
وقال إن ديباجة القانون أو ما يوازيها لا يمكن، بقوة القانون، تضمينها في قانون تنظيمي لكن يمكن إضافة مادة تضم مرجعية قانون الإضراب، مشيرا إلى أنه طلب من النقابات تحرير هذه المادة ومدّه باقتراحاتها.
ودعا أعضاء في اللجنة في حذف مصطلح “مُدبر” في المادة الثانية من القانون، والتي تنص على أن “الإضراب هو كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة…”.
وسجل نواب أن القانون، في مادته 3 التي تتحدث عن الجهة الداعية للإضراب والمُشغل والأجير، يحصر الجهة الداعية إلى الإضراب في النقابات الأكثر تمثيلا ولا تشير إلى المكاتب النقابية، كما لا يتيح الإضراب في المؤسسات التي والقطاعات التي لم تشارك في انتخابات مندوبي الأجراء.
وفيما رأت مداخلات أنه يتعين تعويض مرادف “الأجير” بـ”العامل”، لأن هناك أجراء ولكن ليس لهم مُشغلون، ولكن من حقهم خوض الإضراب، وهو ما يُلزم تضمين “التشغيل الذاتي” في قانون الإضراب.
في تعقيبه، شرح الوزير أن المادة تعطي تعريفات لمختلف المصطلحات التي تُستعمل في القانون، وعند الانتقال إلى التعديلات سيتم إعادة النظر في أمور عديدة وأمور أخرى يتوجب التعريف بها، مستدركا “هناك إشكاليات ظهرت منذ الآن، داعيا إلى تخصيص مادة شاملة خاصة بالجهة الداعية إلى الإضراب.
وأشار إلى أن ملاحظات البرلمانيين حول هذه المادة تتقاطع مع آراء الفرقاء الاجتماعيين وحتى أرباب العمل، مضيفا “لا يمكن حصر حق الإضراب في نقابات دون أخرى خصوصا الإضرابات القطاعية وإضراب المقاولات”.
وقال “لا يمكن منع الناس من الإضراب من خلال هذا القانون، ولا يمكن ألا يجد من يريدون الإضراب أي إمكانية لذلك”، وتابع أنه لن يُعط جواب الحكومة إلى حين وضع التعديلات ليكون “هناك ذكاء جماعي” على حد وصفه.
وتابع الوزير أن التعاريف الواردة في المادة 3 غير مكتملة، وبالتالي إضافة مادة خاصة بالتعريفات.
كما رفض نواب برلمانيون أن يشير القانون في المادة 5 إلى أنه “يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”، لذلك طالبوا بتوضيح المقصود من هذا المرادف “الفضفاض”، على اعتبار أنه يمكن لأي حزب أن يدعو لإضراب أو خوض إضراب ضد سياسة عمومية ليس في الصالح العام، فيما رأت فرق برلمانية أنه يتعين حذف المادة.
في هذا الصدد، عبر الوزير عن اتفاقه على حذف “كثرة المنع” في القانون (يُمنع، يُمنع…)، وقال إنه تحدث مع رئيس الحكومة حول هذه النقطة، وأن الحكومة منفتحة على جميع الصيغ المقترحة منها ما يتعلق بـ”المنع” وقد أبلغ النقابات بذلك.
وعبر الوزير عن تفضيله استعمال مرادف “العامل” عوض الأجير، مشيرا إلى أن الحكومة لا تتوفر حاليا على حل جاهز أو رد بخصوص ما يتعلق بإمكانية ضمّ القانون فئات جديدة يحق لها الإضراب.
وتابع أن الحكومة ستكون صارمة في ما يتعلق بمنع تعويض أجراء مُضربين بأجراء آخرين، وهو مقترح الحكومة والنقابات قبلت به.
وبخصوص المادة 5 التي تتحدث عن الأشخاص الذين لهم حق الإضراب، قال إن الحكومة منفتحة على الفئات التي كانت مستثنية من هذا الحق وفق مدونة الشغل مؤكدا أن لها الحق في ذلك.
وأشار الوزير إلى أن القانون الحالي يتحدث عن أن سبب الدعوة إلى الإضراب هو “الملف المطلبي”، مشيرا إلى أن الوزارة وقفت على أن سبب جُل الإضرابات ليس هو الملف المطلبي، في حين أن القضايا الخلافية و”الخطر الحاد” هي أكثر الأسباب المؤدية إلى الإضراب، وهذا أكدت عليها أيضا النقابات وأرباب العمل، مؤكدا أن هذه المادة استدعت إعادة هيكلة.
وعاب الوزير على القانون حديثه عن القطاع الخاص كما لو أنه أعد لهذا القطاع فقط، في حين أن النقابات موجودة بقوة في القطاع العام، لذلك قال إن الحكومة أتت بإجراءات سيتحدث عنها لاحقا.
ويُنتظر أن تواصل اللجنة مناقشتها التفصيلية لباقي المواد.