حجم الخط + -
2 دقائق للقراءة

في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء 4 نونبر 2025، وجّه المستشار البرلماني خالد السطي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تعقيبا لاذعا بشأن خطة الحكومة لإصلاح وتعديل القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، منتقدا ما وصفه بـ“التراجع عن المقاربة التشاركية” التي ميّزت إعداد القوانين السابقة المنظمة للمهنة.

وقال السطي إن السؤال نفسه كان قد وُجه كتابة إلى الوزارة في 30 يونيو المنصرم، غير أن الرد لم يصل إلا مؤخرا، “بعد أن تم إدخال المشروع فعليا إلى المسار التشريعي”، وهو ما اعتبره “إفراغا لمبدأ الحوار المسبق من محتواه”.

وأضاف المستشار البرلماني أن مشروع القانون المعروض “جاء في سياق حساس يتطلب التوافق والتشاور الواسع”، لكنه – وفق تعبيره – “لم يعكس رؤية واضحة لمنظومة اختصاصات المجلس، بل اتسم بالارتباك والتضارب في فلسفة التمثيلية بين الانتخاب والتعيين”، في إشارة إلى ما اعتبره “خرقا صريحا للفصول 25 و27 و28 من الدستور التي تضمن حرية التنظيم والاستقلالية”.

وتساءل السطي في تعقيبه: “كيف يمكن أن نتحدث عن مجلس يمثل الجسم الصحافي في حين نضعف نقاباته بنمط اقتراع فردي يُفرغ التمثيلية النقابية من مضمونها؟ وكيف نكرس الديمقراطية ونحن نربط التمثيلية بمعايير رقم المعاملات وعدد المستخدمين، في إقصاء واضح للمقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للمشهد الإعلامي؟”.

كما حذر من توسيع صلاحيات التأديب في المشروع الجديد، معتبرا أن ذلك “يحوّل المجلس من هيئة للتنظيم الذاتي إلى جهاز شبه تأديبي”، وهو ما يتناقض – بحسب قوله – مع “الفلسفة الأصلية التي أنشئ من أجلها المجلس الوطني للصحافة كهيئة مستقلة لتنظيم المهنة ذاتيا”.

وأكد السطي أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب “لا يعارض الإصلاح في حد ذاته، بل يدعو إلى أن يكون إصلاحا ديمقراطيا مبنيا على التشاور والتوافق، يحترم التراكم المهني والمؤسساتي ويضمن تمثيلية عادلة ومتوازنة دون وصاية أو هيمنة”.

وفي ختام مداخلته، استعرض المستشار البرلماني عددا من التوصيات التي سبق أن قدّمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ودعا إلى الأخذ بها في الصيغة النهائية للمشروع، من أبرزها اعتماد نمط الانتخاب باللائحة والتمثيل النسبي لتحقيق تمثيلية أفضل لممثلي الصحافيين والناشرين، وإرساء معايير ترشيح موضوعية وملزمة لممثلي الناشرين تضمن إشراك الفاعلين الصغار في القطاع، وإضافة فئة “الحكماء” تضم مهنيين ذوي خبرة لضمان تحكيم مستقل وتوازن مؤسساتي.

وأوصى بتعزيز مهام المجلس في التأهيل المهني والتكوين المستمر ودعم المقاولات الصحافية الصغيرة والمتوسطة، ومواصلة المقاربة التشاركية مع مختلف المتدخلين لضمان توافق واسع حول النص.

وختم السطي تعقيبه بالتأكيد على أن “المدخل الحقيقي لتعزيز استقلالية ومصداقية المجلس الوطني للصحافة هو الإصلاح التوافقي، لا الإصلاح المفروض بالأغلبية العددية”، مشددا على أن “صحافة حرة ومسؤولة هي شرط أساسي لبناء ديمقراطية قوية ومجتمع واع ومسؤول”.