احتفلت الشبيبة الاستقلالية بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة من قلب كامبالا، عاصمة الجمهورية الأوغندية التي تعد من الدول الإفريقية الداعمة للكيان الوهمي، في مشهد تاريخي يجسد انتصار الدبلوماسية المغربية الهادئة وقوة الحوار والتواصل الإفريقي المشترك.
نُظم هذا الاحتفال في إطار الأيام الدراسية المشتركة بين منظمة الشبيبة الاستقلالية وشبيبة حزب Forum for Democratic Change (FDC)، بحضورٍ تجاوز 500 مشارك، أغلبهم من طلبة جامعة ماكريري والجامعة الدولية لكامبالا، إلى جانب قيادات شبابية إفريقية وشخصيات سياسية وأكاديمية بارزة.

استُهل اللقاء بكلمة فرانسيس أديبو، رئيس شبيبة حزب FDC، الذي عبّر عن اعتزازه بانعقاد هذا الحدث في مدينة كامبالا، “مهد النضالات التحررية في إفريقيا”، مؤكدًا أن قضية الصحراء المغربية هي قضية إفريقية بامتياز ترتبط بالدفاع عن وحدة الدول وسيادتها ضد كل أشكال التقسيم والتبعية.
وأشار إلى أن من يسعى إلى تقسيم المغرب إنما يسعى إلى تقسيم إفريقيا بأكملها، مشيدًا بالعلاقات التاريخية بين المغرب وأوغندا، وبالشراكة النموذجية بين الشبيبة الاستقلالية وشبيبة FDC التي تمثل نموذجًا جديدًا للتعاون الإفريقي القائم على التعليم والتبادل والانفتاح. كما أعلن عن فتح آفاق جديدة للتعاون الأكاديمي بين الجامعات المغربية والأوغندية، بما يعكس الاحترام الكبير الذي تحظى به الدبلوماسية المغربية داخل المؤسسات الإفريقية.
وفي كلمته باسم منظمة الشبيبة الاستقلالية، عبّر الأخ محسن الإدريسي البوزيدي، منسق العلاقات الخارجية بالمنظمة، عن اعتزازه بتخليد هذه الذكرى الوطنية الخالدة من قلب إفريقيا، ناقلًا تحيات الأخ الدكتور نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، والأخ عثمان الطرمونية، الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية، إلى قيادة حزب FDC وشبيبته، وإلى كل الشباب الأوغندي الحاضر.
وأكد أن هذا اللقاء ليس مجرد ندوة أكاديمية، بل تعبير عن مصير إفريقي مشترك يجمع بين الشعوب حول قيم الوحدة والتضامن والاحترام المتبادل.
وأضاف أن “المسيرة الخضراء لم تكن فقط صفحة مشرقة في تاريخ المغرب، بل درسًا إفريقيًا خالدًا في السلم والوحدة”، وأن تخليدها اليوم في بلد إفريقي شقيق يعكس عمق الروابط المغربية الإفريقية ورؤية المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله لتعزيز التعاون جنوب–جنوب.
من جانبها، قدّمت الأخت مروى الأنصاري، رئيسة الاتحاد الإفريقي للشباب الديمقراطي (YDUA)، مداخلة مؤثرة أبرزت فيها أن المسيرة الخضراء تجسد جوهر النضال الإفريقي من أجل السيادة والوحدة، مشددة على أن قضية الصحراء المغربية تمثل قضية قارية بامتياز، وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية هي الحل الوحيد القائم على الشرعية الدولية. كما أكدت أن الشباب الإفريقي اليوم مدعوّ إلى أن يكون صوت الوحدة ضد دعاة الانقسام، وصوت السلم ضد منطق الصراع، مؤكدة أن “من يقف مع وحدة المغرب إنما يدافع عن وحدة إفريقيا.”
كما ألقى الأستاذ إسماعيل كيريا، الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي للشباب الديمقراطي، كلمة نوّه فيها بعمق الشراكة التي تجمع بين الشبيبة الاستقلالية والمنظمات الشبابية الإفريقية، مؤكدًا أن المغرب شكّل على الدوام جسرًا للتواصل الإفريقي، وفاعلاً أساسياً في ترسيخ قيم السلم والديمقراطية داخل القارة. ودعا إلى مواصلة هذا النوع من المبادرات الشبابية التي تُسهم في بناء فضاء إفريقي يقوم على الثقة والتكامل، مشيدًا بالدور الريادي الذي تضطلع به الشبيبة الاستقلالية في الدفاع عن القضايا الإفريقية بعدالة واتزان.
وألقى الدكتور عباس عجبة، الأمين العام لمجلس الشباب العربي الإفريقي، كلمة أشاد فيها بالدبلوماسية الشبابية المغربية وبقدرتها على بناء جسور الحوار بين المشرق والمغرب، والعالم العربي وإفريقيا، معتبرًا أن تنظيم هذا الحدث في كامبالا يمثل “تحولًا رمزيًا في مسار العلاقات الإفريقية” ويعكس تقدير القارة لثبات الموقف المغربي.
كما قدمت الأخت نهيلة القلقولي، عضوة اللجنة المركزية للشبيبة الاستقلالية، عرضًا غنيًا حول السياق التاريخي والسياسي لقضية الصحراء المغربية، أبرزت فيه الأسس القانونية والشرعية لمغربية الصحراء، إلى جانب شريط وثائقي يعكس الطفرة التنموية الكبرى التي تعرفها الأقاليم الجنوبية في مجالات البنية التحتية والتعليم والطاقة، مما يجعلها نموذجًا إفريقيًا في التنمية والجهوية المتقدمة.
وشهد اللقاء أيضًا مداخلات لعدد من المشاركين الحاضرين، عبّروا من خلالها عن تقديرهم الكبير للمغرب ولمكانته داخل القارة، منوهين بدوره الريادي في تعزيز الاستقرار والسلم والتعاون جنوب–جنوب. وأكد المتدخلون أن التجربة المغربية في الدفاع عن وحدتها الترابية تشكل نموذجًا في القيادة الرصينة والحكيمة، وفي توظيف الحوار كوسيلة لتحقيق الوحدة والتنمية المشتركة.
وفي ختام هذا اللقاء التاريخي، تم تلاوة “إعلان كامبالا للشباب الإفريقي حول الوحدة الإفريقية ووحدة أراضي المملكة المغربية (Kampala-Uganda Declaration)”، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من طرف جميع المشاركين، بحضور ممثلين عن منظمات شبابية حزبية والمجلس الوطني للشباب الأوغندي وشخصيات أكاديمية أوغندية.
وأكد الإعلان على الدعم الثابت وغير المشروط لسيادة المملكة المغربية على كامل أراضيها، واعتبر مبادرة الحكم الذاتي “الحل الواقعي والوحيد والدائم” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مع رفض قاطع لكل محاولات الانفصال والتقسيم داخل القارة.
كما دعا الحكومات الإفريقية والمؤسسات القارية إلى دعم المغرب في مختلف المحافل الدولية، وإلى تعزيز التعاون الإفريقي في مجالات التنمية والتعليم والتبادل الثقافي.


