أظهر تقرير حديث للمندوبية السامية للتخطيط بعنوان: “محاربة الفقر، تقليص الفوارق الاجتماعية والترابية، التنمية البشرية والإنصاف بين الجنسين في المغرب: تقدم وتحديات”، أن المغرب شهد تطورات متباينة في مستوى الفوارق في العيش.
ويبرز التقرير أن المغرب عرف بين 2001 و2022 مسارا متقلبا في ما يخص توزيع الثروة ومستوى العيش، يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل، بحيث اتسمت المرحلة الأولى (2001-2014) بتراجع معتدل للفوارق، بعدما شهد المغرب تحسنا عاما في مستويات العيش بفضل نمو اقتصادي مطرد وإصلاحات اجتماعية.
وأشار إلى أن الفئات الفقيرة والمتوسطة استفادت نسبيا من هذه الدينامية، ما سمح بتراجع بسيط في مؤشر جيني (من 40,6% إلى 39,5%)، ويبرز هذا الانخفاض الطفيف أن النمو كان أكثر شمولا من ذي قبل، لكنه لم يكن كافيا لتقليص الفوارق بشكل جذري.
وشهدت المرحلة الثانية (2014-2019) تحسنا نسبيا في هذه الفترة، بحيث تسارعت وتيرة تحسن أوضاع الفئات الأقل دخلا، وارتفع مستوى عيشهم بنسبة أسرع من الفئات الغنية، وفق معطيات التقرير، مشيرا إلى انخفاض مؤشر جيني إلى 38,5 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ بداية الألفية.
أما المرحلة الثالثة (2019-2022) سجلت عودة قوية للفوارق بفعل الأزمات الصحية والاقتصادية، واعتبرها التقرير مرحلة انتكاسة ضربت أسس هذا التحسن، بحيث تحمل الفئات الأفقر والأكثر هشاشة العبء الأكبر، وتضررت الطبقة الوسطى.
وأوضح التقرير أن المؤشر الجيني قفز مجددا إلى 40,5 في المائة، أي العودة تقريبا إلى وضع 2001، مسجلا تفاوتات في الاستهلاك الغذائي، ما أجبر الأسر الفقيرة على التخلي عن جزء من حاجاتها الأساسية.
وكشف هذا التحول عن كون التحسن السابق لم يكن متينا، إذ انهار بمجرد تعرض الاقتصاد لصدمات من قبيل جائحة كورونا والتضخم والجفاف، ما يجعل الفقر والفوارق في المغرب لا يرتبطان فقط بالنمو الاقتصادي، بل أيضا بغياب آليات حماية اجتماعية قوية تحمي الفئات الهشة في أوقات الأزمات.نمية أكثر استدامة وإنصافا.